الرئيسية أحداث فنية

شارك من خلال الواتس اب
    2016 .. غياب الأفكار ورحيل الكبار

    أحداث اليوم - ليلاس سويدان |
    يوشك عام 2016 على الانتهاء، فتنظر للوراء لتعرف أي عنوان يمكن أن تضعه لهذا العام، كتقييم حالة، لتوابع انفجار 2011، فلا ترى إلا انسحابا تاما للجبهة الثقافية، المهزومة من البداية، إلا من بعض آراء هنا وهناك، وصراع وحل سياسي وعسكري أصبح هو «ماكينة التنظيف» النهائية لكل شظايا هذا الانفجار بكل نواتجه، ليعود المثقف للمكان الذي اختارته له السلطة كممارس للأنشطة الأدبية، منشغلا بمشروعه الفردي، مع توفير «مظاهر ثقافية» تعينه على أداء هذا الدور وتحقق له الشعور بالإنجاز أيضا، فهو يكتب ويفوز على منافسيه، ويشارك في مناسبات ثقافية، ومتاح له «هامش» للتمرد الآمن.

    أوان الانفتاح على العالم
    الكويت، كبلد مستقر وسط محيط عربي، تتموضع بعض دوله داخل منطقة الخطر أو على أطرافها، ربما يشهد هذا العام نشاطا ثقافيا لافتا، فإضافة إلى أن الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية، فقد افتتح مركز جابر الثقافي الذي يحوي دار الأوبرا، وهو صرح ثقافي كبير بعد سنوات من حالة «جفاف» ثقافي بدت الكويت فيها وكأنها تتراجع عن ريادتها الثقافية في منطقة الخليج، ولكن المحك هو «تفعيل» المركز ليكون منارة ثقافية حقيقية، لا مسرحا للعروض الفنية فقط، أو مكانا جديدا تقام فيه فعاليات ثقافية تحمل الروح نفسها بعناوينها وموضوعاتها التي لم تكن تستقطب إلا القلة القليلة.
    ربما آن الأوان لانفتاح ثقافي على العالم بتجاربه ومعارضه ومثقفيه وتجاربه الثقافية. لكن المثير للتساؤل والاستغراب، أن مشروعا ثقافيا آخر مهما وعريقا يعاني ومأزوما بالمشاكل وتسويفات الحلول، هو مجلة «العربي»، لا جدية كما يبدو حتى الآن في إنعاشه، ولا أخذ قرار كبير لمصلحة مستقبله. كيف يمكن فهم إنشاء مركز جابر الثقافي بكل هذا الدعم والميزانية الكبيرة، لدعم الثقافة وترك مشروع ثقافي آخر كرّس اسما وتاريخا لدى القارئ الكويتي والعربي، بلا تطوير؟!. فكرة دعم الثقافة ومفهوم الدولة عنها ربما تستدعي مشروعا وطنيا كبيرا، بل المفارقة أن الثقافة والمبدعين وموضوع الرقابة وحرية التعبير لم تذكر مرة واحدة ضمن برامج المرشحين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر الماضي.

    جدل احتفالي
    عموما الثقافة في المنطقة كلها تقريبا كانت علاماتها هذا العام مناسبات واحتفاليات حكومية أو مشروعات فردية لبعض المثقفين، وجوائز أيضا برعاية حكومية مباشرة أو دعم حكومي أو من رجال أعمال. وأغلب الجدل الثقافي هو حول تلك الاحتفاليات ومن شارك فيها أو لم يشارك ومن فاز بها أو لم يفز، والتحليلات تمحورت حول نزاهة الجوائز وقيمتها وأحقية الفائز بها، بحيث انك ربما تلمح أن الدائرة الثقافية انغلقت على نفسها وصراعاتها، وأغلب الجدل الذي يدور ليس له علاقة عضوية بالواقع والمجتمع والأزمات العميقة التي أفشلت أي محاولة للتغيير. هذا الواقع هو مجرد موضوع لرواية مثلا أو غالبا، لكن التأويل الاجتماعي والتاريخي بمقاربات تتجاوز «عرض الرأي» و«رواية الذاكرة والحاضر» شبه غائب، بعد أن قدم المفكرون العرب، القلة طبعا، في سنوات الحراك الأولى كل ما عندهم من آراء وتصورات لسبل فك عقدة هذا «الانسداد التاريخي»، كما أسماه هاشم صالح، لكن النظريات والتحليلات لم تجد لها أفقا للتطبيق واقعيا، لأسباب عدة منها دور العامل الخارجي الذي تحدث عنه جورج طرابيشي مراجعا موقفه المتفائل في بداية الثورة السورية. طرابيشي من المفكرين الذين رحلوا هذا العام، إضافة الى صادق جلال العظم ومحمد حسنين هيكل.

    بين التشدد والقمع
    هذا العام لم يرحل المفكرون فقط، لكن ربما رحلت الأفكار أيضا، لذلك لن يذكر القارئ أو المتابع للشأن الثقافي إصدارا فكريا مهماً أثار جدلا أو نقاشا. «داعش» والفكر المتطرف يضرب عسكريا في العراق وسوريا، ويختصر المثقفون صراعهم مع الفكر المتشدد بالتضامن مع حبس شاعر أو كاتب متهم بازدراء الأديان أو ضد منع كتاب.
    قد يبدو عام 2016 صاخبا، لكن أغلب الصخب كان صدى لمقالات مثل مقال عبده وازن عن سمر يزبك، ورسائل أنسي الحاج لغادة السمان وخروج كاتب من جائزة أدبية، أو قضية فساد ثقافي، أو انسحاب شعراء من ملتقى شعري، أو اكتساح الرواية والقصة القصيرة لكتاب فلسطينيين للجوائز الأدبية، وهو ما اعتبره البعض نصرا للقضية الفلسطينية وكأن الأدب مجال حرب فيها منتصر ومهزوم!. إنها فعلا سنة المثقفين الباحثين عن نصر ما، لكن ماذا يفعل هذا النصر أمام هزيمة الثقافة التي عجزت أن تطرح نفسها كحل، مقابل حل يوائم سلطة احتوت كل ما حدث منذ 2011 لتجعله مجرد موضوع لرواية مثلا؟!.





    [28-12-2016 12:43 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع