الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    زيارة الحكيم: هل يتحقق الهدف؟

    هكذا هي العلاقة بين البلدين مهما تغيرت الحال؛ الأردن رئة العراق، لا مناص من ذلك، مهما تبدلت الظروف والمعطيات، لأن ثمة حقائق تاريخية لا يمكن القفز عنها أو تجاهلها.
    الأسبوع الماضي، زار عمان رئيس التحالف الوطني العراقي عمار الحكيم. والرسالة الأهم لهذه الزيارة القصيرة، كان مفادها الإصرار العراقي على إيمانه بالدور الكبير الذي لعبه الأردن في تحقيق المصالحة العراقية.
    الحكيم في أحاديثه مع جلالة الملك، ومسؤولين أردنيين، لفت إلى الجهود المبذولة على المستوى الداخلي العراقي لتحقيق المصالحة الوطنية، بشكل يعيد لحمة شعب بلاد الرافدين. وقد اتسم الحديث بالعمومية؛ من دون الخوض في تفاصيل المساعي لتحقيق ذلك؛ سواء كان بعقد مؤتمر وطني يضم مئات الشخصيات الوطنية الممثِلة لمختلف مكونات الشعب العراقي، من العشائر والشيوخ والمرجعيات، لتحديد مصير العلاقة بين المكونات المختلفة على قاعدة المواطنة، أو بأسلوب آخر.
    المهمة في العراق ليست سهلة طبعاً، وإن أمكن اختصارها بأن استعادة الثقة بين المكونين الرئيسين؛ السني والشيعي (رغم بغضي للتصنيف)، تحتاج حلا سياسيا. وهو الأمر الذي يتطلع الأردن إلى القيام بدور الوسيط فيه، بإقناع الأطراف السُنّية المشاركة في مفاوضات المصالحة.
    وقد أشار الحكيم إلى التفكير في ترتيب البيت الداخلي العراقي. إذ يجري الحديث عن وثيقة تم إعدادها لذلك، سيتم العمل بمضمونها بعد القضاء على تنظيم "داعش" من قبل الجيش العراقي الذي يخوض حربا طويلة للتخلص من هذا السرطان، واستعادة الأرض والناس الخاضعين لإرهابه الآن.
    بالمحصلة، الزيارة مهمة، أوصلت رسائل للأردن على المستويين الرسمي والشعبي، تدلل على نوايا إيجابية تجاه المملكة، حيث تبذَل جهود واضحة من قبل سفيرة بغداد في عمان صفية السهيل. لكن المهمة في ظل الاصطفاف الإقليمي والحالة الداخلية العراقية لا تبدو، مرة أخرى، سهلة.
    التمسك العراقي الأردني بتنويع أشكال التعاون ومد الجسور وتمتين العلاقات بين البلدين، إنما هو انعكاس لتقدير عمان وبغداد لحتمية هذه العلاقة، وأيضا تعبير عن تفهم العراق للدور المحوري الذي يلعبه الأردن على المستوى الجيوسياسي، بحيث يترجم هذه الرؤية عبر تعاون اقتصادي يجعل من المملكة إحدى بوابات العراق إلى العالم، كما يكون الأخير أحد شرايين حياة الاقتصاد الأردني المنهك.
    الآفاق واسعة للتعاون وتحقيق المكاسب للطرفين؛ لأن استقرار العراق وانتصاره في الحرب التي يخوضها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، غاية ومصلحة أردنيتان، كون الضرر الواقع على الاقتصاد الأردني نتيجة إغلاق الحدود العراقية كبيرا جدا. وثمة مشاريع كبرى مفيدة للجانبين؛ مثل خط النفط والغاز وزيادة التبادل التجاري بشكل عام، تعول عليها عمان ومثلها بغداد، لأجل النهوض بمنسوب التعاون بينهما.
    وقياسا على هذه المعادلة الثابتة في علاقة البلدين، ما يزال العراق يسعى إلى ترتيب العلاقة مع الأردن، وليكون جزءا من محيطه العربي، وسط البحث عن شيفرة تعيد ترتيب البيت العراقي.
    بيد أن عودة العراق إلى محيطه العربي تحتاج إرادة سياسية عراقية. وتوثيق العلاقات مع الأردن، وتحديدا الاقتصادية منها، يحتاج قرارا داخليا عراقيا، ليس من السهل اتخاذه في ظل المشهد العراقي القائم والتجاذبات الحاصلة فيه.
    بقراءة التاريخ، لا مناص من علاقة أردنية عراقية وثيقة واستراتيجية. وأن يلعب الأردن دورا في مصالحة عراقية هو أمر محمود، شريطة أن تحقق هذه المصالحة العدالة والحقوق المتساوية، فتقوم على معادلة وطنية تستوعب كل مكونات الشعب، ما يضمن استقرار العراق ويخلصه من الإرهاب، بغض النظر عمن يمارسه.
    أن نضمن وحدة العراق، فنجنبه سيناريوهات التقسيم ونحصنه من الحرب الأهلية، ليس بالأمر الهين أبداً؛ بل يحتاج عملا طويلا ودعما عربيا، شرط أن تكون قيادة العراق نفسها جاهزة لمواجهة وتحييد هذه التهديدات.





    [13-12-2016 09:06 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع