الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل سيأتي الثلج؟

    نحن بحاجة لثلج قريب جدا يهدئ من روعنا، بعد كم الخيبات والمفاجآت غير السارة التي ملأت صفحات الأخبار في الأيام الماضية.
    بحاجة جدا لقوة تقعدنا عنوة على كراسينا، نتأمل ولو لدقائق معدودة حجم الفشل الذي طال تجارب، لم تكن قيد الاختبار أصلا في أيام طيبة زمان. نجلس بين أنفسنا نستقرئ أمورا كارثية وخبيثة، بحيث صارت تعرف كيف تمر مرور الكرام على وعينا الجمعي، وأحكامنا غير المختلف عليها، لنجد ما يؤجج حفيظتنا في مكان آخر تماما؛ كأزمة السير الخانقة مثلا!
    في الثلج، لا أزمات سير ولا ازدحامات نركز معها كثيرا ونخرج غضبنا المتنامي لأسباب أخرى، فيها. في الثلج مواجهة مخجلة مع حالة الإنكار المعششة في وجدانينا أمام حقيقة ماثلة؛ نحن لسنا بخير!
    تعرفون ذلك عندما تستبدل مشاعر الحنق والغضب والخوف من جرائم قتل الأبناء والأخوة والأزواج، بغربال العبارات الممجوجة، مثل أن تلك الجرائم والأفعال المريضة، “دخيلة” على مجتماعاتنا ولا تمثله إطلاقا. الجملة نفسها تتردد من سنوات طوال تعليقا على أخبار مشابهة، بل وتكاثف حضورها مؤخرا كضيف ثقيل الظل، بسبب انتشار فكرة الاستقواء على المحارم، بالذبح والرصاص والخنق، بشكل يثير الخوف قبل الريبة من سبب هذا الانتشار العشوائي، مرة بعذر المخدرات ومرة لأمراض نفسية ظهرت فجأة، ثم يقول لي “دخيلة”!
    نحن لسنا بخير، حين يمر خبر فصل طالب جامعي بجرة قلم، لأنه دخل حرم الجامعة وهو يرتدي قميصا مكتوبا عليه “غاز العدو احتلال”! بكل بساطة تم استيفاء شروط الضياع جميعها في أقل من لحظة تفكير. لم يدخل الطالب محمود مخلوف وفي جيبه مسدس مثلا أو آلة حادة، لتفسر حالة الفصل المؤقت من فصل دراسي واحد على أساس أنه مخالف لأمن الجامعة كما ورد في القرار، إنما دخل برأيه وموقفه من قضية رأي عام مطبوعة على “تي شيرت”، ولم يحرض أحدا كما هو واضح لمظاهرة على سبيل المثال. ومع ذلك لم يكن رد الفعل الطلابي والنقابي والنيابي، على قدر الخبر الذي يمس حريات أساسية وحقوقا بديهية.
    كثيرة هي المسائل التي بحاجة للتفكر قليلا، في يوم مثلج هادئ، بعد الانتهاء طبعا من تداول صور البياض المطل من الشبابيك، وموائد الفطور المتأخرة، وصوبات الكاز ومدافئ الحطب. ثم الارتخاء من تعب المتابعة والإعجاب والتعليق، لتفرغ بعض المساحات لإعادة التفكير والتحليل، من قبل المسؤول قبل المواطن العادي؛ هل فعلا نحن لم نصل بعد إلى درجة الإحمرار في ترمومتر القلق، على الحقوق الحياتية
    والحريات الأساسية، بحيث بعض المعلبات الجاهزة التي تأخذ شكل التصريحات والعبارات التطمينية المكررة، ما تزال تواريخ صلاحيتها سارية المفعول؟ أم أن الأوان قد أزف ولو بجلوس قسري مؤقت لتدوير مسائل، لم تعد ثانوية أو “دخيلة” كما يحلو لنا أن نطبب جروحنا، لاستعادة انسانياتنا واحترامنا تجاه أنفسنا، قبل أي كان.





    [13-12-2016 07:52 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع