أحداث اليوم -

قدمت اندية كروية انجليزية كبيرة مدفوعات سرية لشراء صمت لاعبين ناشئين اعتدى مدربون عليهم جنسيًا، كما كشفت تقارير صحيفة، في وقت تستمر تفاعلات الفضيحة مهددة اللعبة بأكملها.

ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن مصدر مطلع قوله أن عددًا من الأندية بينها نادٍ واحد على الأقل من أندية الدوري الانجليزي الممتاز "بريمير ليغ" دفعت تعويضات إلى لاعبين بعد أن وقَّع الضحايا تعهدات بالصمت تمنعهم وعائلاتهم ومحاميهم من الحديث علنًا عن وجود حالات كهذه. ومن المتوقع أن تثير هذه المعلومات مخاوف من أن يكون القائمون على اللعبة الأكثر شعبية في بريطانيا تستروا على اعتداءات جنسية ارتُكبت طيلة سنوات.

تصاعدت الأزمة التي هزت اللعبة عندما اعلنت شرطة لندن فتح تحقيق في وقوع اعتداءات جنسية في عدد من أندية العاصمة بعد تلقي عدد من الشكاوى. وجاء هذا بعد ساعات على اعلان شرطة مقاطعة هامبشر جنوب انكلترا أنها فتحت تحقيقًا جنائيًا في اعتداءات جنسية في اندية كروية في منطقتها.

وقالت شرطة مقاطعة تشيشاير التي بدأت تحقيقاتها الخاصة قبل ذلك انها تلقت عددًا متزايدًا من الابلاغات عن اكثر من شخص واحد اتُهم بارتكاب اعتداءات جنسية، فيما اكدت شرطة مقاطعة نورثمبريا شمال انكلترا انها تحقق في افادة لاعب سابق في نادي نيوكاسل يونايتد بأنه تعرض إلى اعتداء جنسي حين كان يتدرب مع الناشئين في النادي.

وقال احد الضحايا إن المشكلة "أخفيت تحت البساط"، مؤكدًا أن شبكة من المنحرفين اخترقت اللعبة. وكشفت جمعية الكرويين المحترفين أن ثمانية لاعبين آخرين يناقشون معها الخروج إلى العلن للكشف عما تعرضوا له حين كانوا ناشئين. في هذه الاثناء، قالت الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال أن عدد الاتصالات على خطها الساخن الذي فتحته حديثًا لمساعدة الضحايا يشير إلى أن حجم الفضيحة أكبر من فضيحة الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها جيمي سافيل مقدم البرامج الراحل في تلفزيون بي بي سي.

طلبت قيادة الشرطة في مناطق أخرى من انكلترا عدم الكشف عن تلقيها شكاوى من ضحايا اعتداءات جنسية "الى أن يتضح الموقف الوطني" من القضية.

وكان عدد من لاعبي كرة القدم السابقين كشفوا عن تعرضهم لاعتداءات جنسية منذ أخذ اللاعب السابق آندي وودوارد خطوته الشجاعة بالحديث علنًا عن الاعتداءت الجنسية المتكررة التي ارتكبها بحقه باري بينيل الذي كان مدربًا في نادية كرو الكساندرا وسُجن في ثلاث قضايا منفصلة بتهمة الاعتداء على صبيان. وقال مصدر رفيع مطلع على القضايا القانونية لصحيفة ديلي تلغراف أن عددًا من الأندية دفعت مبالغ سرية لتسوية قضايا اعتداء جنسي في السنوات الأخيرة، رابطة هذه التسوية بتعهدات بالتكتم التام على ما حدث، مشيرًا إلى أن احد هذه الاندية من اندية الدوري الممتاز وان الضحايا بسبب هذه التعهدات لا يستطيعون أن يقولوا أي شيء عما حدث.

واضاف المصدر: "بهذه الطريقة تعاملت الأندية معها"، وقال وودوارد انه يشعر بالاشمئزاز من الأندية التي اشترت صمت الضحايا بالمال. واضاف وودوارد الذي ظل بينيل يعتدي عليه جنسيًا طيلة اربع سنوات أن كل ما يريدوه هو "بعض العدل لهؤلاء الضحايا".

بيئة منحرفة

اشار ريتشارد سكورير من القسم المختص بقضايا الاعتداء الجنسي في شركة سلايتر اند غوردن للمحاماة أن حشدًا من اللاعبين الكرويين السابقين يمكن أن يطالبوا بتعويضات ضخمة إذا اثبتوا حرمانهم من توقيع عقود مربحة مع أندية كبيرة بسبب الاعتداء الجنسي الذي دمر مهنتهم. ويمكن أن يتسبب هذا في دفع الأندية الصغيرة إلى الإفلاس إذا انهال عليها سيل من المطالبات بالتعويض في المحاكم المدنية.

وقال سكورير: "ان الأندية الكروية واتحاد الكرة كانت بطيئة جدًا في إدراك المخاطر". واضاف: "ان هذه الفضيحة اظهرت أن عالم كرة القدم، لا سيما خلال هذه الفترة، كان في بيئة اتاحت للمنحرفين أن يعتدوا بمنأى من العقاب نسبيًا، لنقص الضوابط اللازمة لمنع حدوث ذلك، والزمن وحده سيبين مدى انتشار المشكلة".

وحذر لاعب مانشستر سيتي السابق جايسون دانفورد من أن شبكة منحرفين تعمل في لعبة كرة القدم للمحترفين وجرى التستر عليها في اطار مؤامرة. وكان المنحرف بينيل عمل في نادي مانشستر ستي ونادي ستوك وعدد من فرق الناشئين شمال غرب انكلترا إلى جانب فريق كرو الكساندرا.

وقال دانفورد الذي اعتدى عليه بينيل جنسيًا في مخيم صيفي بعد الفوز في مسابقة كروية لاذاعة بي بي سي: "هناك مؤامرة وشبكة منحرفين واشخاص كانوا في هذه الأندية واجبهم رعاية الناشئين في انديتهم".

فشل مؤسسي

صرح كريس انزورث (44 عامًا) الذي كان لاعبًا ناشئًا في نادي كرو الكساندرا واعتدى عليه بينيل لاذاعة بي بي سي أن هذه الحوادث: "كان من الممكن منعها ولكن لم تكن هناك قوانين وقتذاك". واضاف "ان كل ما عانيناه كُنس تحت البساط ولهذا السبب تقدمنا اليوم لكشف ما جرى لنا ونأمل بأن يتقدم آخرون وينضموا الينا".

وقال عضو سابق في مجلس ادارة نادي كرو الكساندرا انه كانت هناك توجسات بشأن المدرب بينيل منذ أواخر الثمانينات، لكن سُمح له بالبقاء ثلاث سنوات أخرى على الأقل قبل أن يغادر النادي في عام 1992.

وكشف هاملتون سمث الذي كان عضو مجلس ادارة النادي لمدة اربع سنوات أنه دعا إلى اجتماع المجلس لبحث اتهام وجه إلى بينيل بالاعتداء جنسيًا على أحد الناشئين في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. واضاف أن الاجتماع عقد وأن رئيس مجلس الادارة نورمان رولنسون أوصى بابعاد بينيل بسبب الشكوك المتزايدة في سلوكه. لكن بينيل أُبقي في وظيفته على ألا يكون بمفرده خلال العمل مع ناشئين.

وقالت اللجنة المستلقة للتحقيق في الاعتداءات الجنسية على الأطفال انها تراقب الأحداث عن كثب بهدف فتح تحقيقها الخاص. وصرح متحدث باسم اللجنة أن دورها هو النظر في "الفشل المؤسسي" لحماية الأطفال من الاعتداء الجنسي بما في ذلك فشل الأندية الرياضية في حمايتهم.

حالات انتحار

غاري سبيد

يمكن أن يشمل تحقيق اللجنة انتحار لاعبين سابقين كان بينيل يدربهما. وممن دربهم بينيل وحتى بات في منزله مدرب منتخب ويلز ونجم نادي ليدز يوناتيد السابق غاري سبيد الذي انتحر في عام 2012. ودرب بينيل أيضا لاعب مانشستر يونايتد السابق الن ديفيز الذي انتحر عام 1992.

واشاد نادي كرو الكساندرا باللاعب السابق ووداورد على "شجاعته الفائقة" بالكشف عما حدث له، لكن النادي امتنع عن التعليق على اتهامات محدَّدة فيما قال نادي مانشستر ستي انه يجري تحقيقًا شاملا في اي علاقات سابقة كانت لدى بينيل بالنادي.

وطالت الفضيحة نادي نيوكاسل يونايتد بعد أن أبلغ لاعب لم تُكشف هويته الشرطة بأن المدرب السابق في النادي جورج اورموند اعتدى عليه جنسيًا. وكان اورموند سُجن ست سنوات بعد ادانته بارتكاب سلسلة اعتداءات على صبيان في منظومة الناشئين التابعة للنادي على امتداد 24 عامًا.

واصدر نادي نيوكاسل بيانًا اكد فيه تعاونه الكامل مع الشرطة والسلطات المختصة وتقديم كل ما يستطيع أن يقدمه من مساعدة إذا تلقى النادي مزيدًا من المعلومات.

(ايلاف)