الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    التدخل الروسي .. أين يقف الأردن؟

    لم يذهب الأردن إلى ما ذهبت إليه مصر في تأييد التدخل العسكري الروسي في سورية. وفي الوقت ذاته، لم يضع توقيعه على البيان السباعي الذي دان "العدوان الروسي" على سورية.
    اختار الأردن الوقوف على الحياد "الإيجابي"؛ جريا على سياسته حيال الأزمة السورية، وتجنب الاصطفاف الحاد على غرار حلفاء غرقوا في الوحل السوري.مسؤولون كبار في الدولة كانوا على علم مسبق بالخطوة الروسية، مثلما كانت واشنطن ولندن وأنقرة والرياض بصورتها. لكن الحسابات مختلفة بين أطراف التحالف الواحد، لا بل متباينة أحيانا؛ للرياض هامش من الحركة لا يتفق بالضرورة مع التصورات الأميركية، وكذا الحال مع تركيا، والعراق الذي يستضيف غرفة العمليات الرباعية مع روسيا وسورية وإيران، ويعقد في الوقت ذاته شراكة استراتيجية مع واشنطن لمحاربة "داعش"، لا بل ويعتمد بشكل كلي على البنتاغون في التزود بالسلاح والتدريب العسكري.
    الأردن طرف أصيل في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وله -مثل سائر أطراف التحالف- هامش مناورة تحكمه المصالح الوطنية الأردنية.
    العلاقة مع روسيا حاضرة بقوة على قائمة المصالح هذه؛ علاقات اقتصادية، ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والدفاع والتكنولوجيا النووية والسياحة. إلى جانب ذلك، هناك تقييم مشترك لطبيعة الخطر الذي تشكله الجماعات الإرهابية على العالم برمته.
    وفي إشارة إلى تمسك الأردن بسياسته المتوازنة، مضى في برنامج زيارة رئيسة المجلس الاتحادي الروسي إلى عمان، والتي تزامنت مع تصاعد وتيرة النقاش حول تدخل بلادها في سورية، من دون تغيير؛ حيث حظيت باستقبال على أعلى مستوى.
    لا يمكن للمرء أن يكون راضيا أو مؤيدا لخطوة عسكرية لن تزيد سورية والسوريين إلا المزيد من الدمار والضحايا. ويظل الحل السياسي، عبر آلية التوافق الدولي والتفاهم الوطني، هو الخيار المفضل لدول مثل الأردن. كما أن تقدير الموقف لا يوحي بأن إرسال المزيد من الطائرات إلى سماء سورية، وإن اختلفت نوعياتها، سيجلب الاستقرار وينهي المأساة.
    لكن المنطقة تمر في لحظة تاريخية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. لحظة تتصارع فيها أجندات دولية وإقليمية حد الصدام، تستدعي حسابا دقيقا للمواقف، وتحركا حذرا ومحسوبا، يأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية دون سواها من الاعتبارات.
    الحروب المشتعلة من ليبيا إلى اليمن، مرورا بالعراق وصولا إلى سورية، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن كل دولة تبحث عن دور في الأزمات المشتعلة، ستدفع الثمن.
    دول الخليج تدفع الثمن في اليمن. إيران دفعت كثيرا في العراق وسورية. روسيا لا بد وأن تدفع أيضا مثلما كانت الحال مع الولايات المتحدة في العراق، وسواها.
    لا يمكن التضحية بالعلاقات مع روسيا لمجرد الاختلاف معها حول الموقف من سورية. دعم روسيا للنظام السوري ليس أمرا جديدا ولا مفاجئا، ومع ذلك حافظت عمان على خطوط الاتصال مفتوحة مع موسكو طوال سنوات الأزمة في سورية. حتى بعض الدول المعارضة بقوة للتدخل الروسي، لم تقطع صلاتها بموسكو، وأبرمت معها صفقات بمليارات الدولارات.روسيا تعود بقوة إلى المنطقة، وتزاحم الولايات المتحدة على نفوذها. هذا تحول كبير في العلاقات الدولية، لا يقابل بالمواقف الانفعالية، وإنما بالقراءة العميقة والتوظيف الذكي، لتعظيم المصالح وتقليل الخسائر قدر الإمكان.





    [07-10-2015 12:51 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع