الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    العزّة والإثم !!

    لم يتّعظ العرب مما جرى لهم بدءا من احتلال دول واسقاط اخرى اضافة الى تفكيك جيوش والاعادة القسرية الى ما قبل القرن العشرين، والامثال التي يرددها الانسان سواء عن الثور الابيض او الكلب الاسود هي مجرد كلمات بلا محتوى، فالاخطاء تتكرر على نحو كوميدي، والعزوف عن قراءة الماضي اصبح تعاميا عن رؤية الراهن، وكنا نتصور ان ما جرى قرَع الأجراس وأيقظ اهل الكهف من سباتهم السياسي الذي دام قرونا لكن الحقيقة بخلاف ذلك، وثمة اصرار على التهام البيض الفاسد كله من السلة كما يقول فيكتور هوجو، بينما بيضة واحدة تكفي، تماما كما ان عيّنة من دم المريض تكفي لوضعها تحت المجهر، واذا كان القانون كما يقال لا يرحم المغفلين فإن التاريخ -ايضا- لا يرحم الجاهلين به وبقوانينه . وهناك ظاهرة تستحق التحليل السايكولوجي وليس السياسي هي ما نسميه وَهْم الاستثناء سواء تعلق بدول او بأفراد، فهناك بشر يتوهمون انهم استثناء من مصائر محتمة كالموت والمرض والشيخوخة، لهذا يدفعون ثمن خداع الذات كما دفعته دول قالت، ان ما حدث هو انها تداعت ولقيت المصير ذاته . الاتعاظ مما جرى يستوجب على من لا يزالون على قيد الوعي ولم يفتك بذاكرتهم الزهايمر السياسي ان يتوقفوا ولو لحظات لفحص الارض التي يقفون عليها، وعليهم -ايضا- ان لا يصدقوا التّصفيق ورقصة النفاق، لأن غيرهم صدق ذلك ودفع الثمن . اما الانتلجنسيا او النّخب التي تعطلّت بوصلتها منذ زمن وتسمّر سهمها عند جهة واحدة فقط، فهم معصوبو العيون ويدورون برتابة حول الطاحون، ولديهم اعتقاد بأنهم قادرون في اللحظة الحاسمة على تغيير لون جلودهم كالحرباء وامتطاء الموجات لأنهم رجال لكل العصور . لكن بعد كل ما جرى لم يعد ذلك مُتاحا لأحد، فالناس بلغوا رشدهم الوطني والانساني من خلال فائض الشقاء وليس فائض الثقافة والمعرفة، والا رجح انهم لقّحوا ضد تكرار اللدغ من الجُحر ذاته . ان من اخذتهم العزة بالاثم لا يستيقظون من سباتهم الا اذا زلزلت الأرض تحتهم او تساقطت السقوف على رؤوسهم . انها أزمة خيال، فمن لا يضع نفسه مكان الآخرين او في احذيتهم كما يقول الانجليز يجد نفسه آخر من يعلم سواء كان زوجا او ابا او ابنا او زعيما !!

     





    [16-08-2015 12:15 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع