بيروت وضواحيها تحت حصار النفايات لمدة تزيد عن شهر، ولا حلول فعلية حتى الآن، مع اخفاق الدولة حتى الآن في العثور على مطامر مرحلية، خارج العاصمة، بفعل تدحرج الممانعة الأهلية والشعبية من منطقة الى أخرى، وسط عجز القوى الأساسية عن ابتكار مخارج مقبولة، حتى الآن، ما دفع البعض الى التساؤل عما إذا كان مطلوباً التفتيش عن مطمر علماني لنفايات الطوائف!
وفي يوم واحد من ألأزمة لم يتم جمع سوى اقل من الفي طن من النفايات المتراكمة في شوارع بيروت والضاحية والتي ناهزت بمجموعها عن عشرات الألوف من الأطنان ، وهي تهدد بمخاطر بيئية وصحية وايضا سياسية وأمنية بحيث أصبحت الكمامات جزءا أساسياً من حياة سكان المدينة ليس تحسبا لحرب كيماويّة وانما تحسبا لأوبئة فتّاكة , ففي بعض المناطق ، لا يتجرأ أحد على الخروج إلى الشارع من دونها، وإن فعلوا فيقصدون طرقاً فرعية اخرى، دفعهم هول كارثة التوقف عن رفع النفايات على إكتشافها . وفي الليل عند إنقطاع الكهرباء واستحالة استخدام المكيفات والمراوح للتهوئة ، يفترش السكان أرض بيوتهم، للهرب من لهيب الصيف , فليس باستطاعتهم فتح نوافذ بيوتهم المشرعة على "مزبلة الطريق" وإلا غزت الحشرات و"البرغش" غرفهم الصغيرة .
اين لبنان الجمال والسياحة وشواطئ السباحة ومناطق التصيُّف والتنزّه في الجبل والساحل واين جعيتا وسيدة حريصا والسوليدير وساحة الشهداء وبرج الساعة وغيرها من المعالم المعروفة لكل زائر وسائح ووافد الى بيروت .
تُرى هل هي حرب على الزبالة ومكابّها وحشراتها ولا تجد الحكومة او بقايا الحكومة نصرا مؤزّرا عليها أم ان اللبنانيّين يشهدون زبالة الحرب الطائفيّة حول المناصب الرئيسة في الدولة التي لم يعد لأهلها كبير شأن في قراراتها ولا بدّ للفرج ان يأتي من خارج الحدود وتُملى عليهم للعلم فقط .
وأصبح لبنان يمرُّ في أوقات صعبة وكأنّه سيجتاز بصعوبة من تحت صخرة الروشة ويسمعها تقول حذار فالسوريون من خلفكم والإيرانيون من امامكم والأمريكان وغيرهم من فوقكم واحتارت الدبلوماسيّة والنعومة اللبنانيّة مدعومة بتعاطف قداسة البابا وفرنسا فيما تفعله , كذلك فان السعوديّة التي طالما انقذتهم من الحرب الأهليّة بإتفاق الطائف قبل اكثر من ثلاثين عاما هي الآن مشغولة في اليمن ومحاربة الإرهاب.
لذلك انشغل زعماء لبنان التقليديّين وابنائهم في قضيّة تراكم النفايات
وقدإعتبر رئيس الحكومة اللبنانية أن مشكلة النفايات في لبنان كارثة وطنية ستهدد المناخ السياسي في لبنان , كما انّها تهدد الأمن البيئي، وتم الوصول إلى هذه الأزمة بسبب المعالجات غير المجدية في السابق ، والصراع السياسي حال دون حل هذا الموضوع ".
ولبنان بحكم وجوده في هذه المنطقة الخطرة وبحكم تعدد الطوائف والولاءات والتنظيمات والأحزاب المسلّحة فقد تعرّض لكثير من الإعتداءات الإسرائيليّة التي خشيت من التورُّط اكثر فانسحبت من جنوبه بفعل ضراوة المقاومة الشعبيّة للإحتلال مبقية على مزارع شبعا لإشعال النار حين تشاء وقد اصاب لبنان شظايا الإرهاب في المنطقة خاصّة في المناطق الحدوديّة مع سوريا وما زال لبنان يعاني من تبعات وذيول الوضع الملتهب حولها .
ولبنان مهم بالنسبة للغرب عامّة بحكم ميزته بموقعه على البحر الأبيض المتوسط من الناحية التجارية كما انّه على جوار مع الدولة العبريّة اسرائيل بما لها من حظوة واهميّة عند الأمريكان والدول الغربية عموما وثالثا والأهم انه البلد العربي الوحيد الذي يتمتّع برئيس من الطائفة المسيحيّة المارونيّة حسب التقليد المتّبع والمتّفق عليه لبنانيّا حيث كانت الغالبية من مواطنيه سابقا من الطوائف المسيحيّة وبالرغم من تغيّر التصنيف الديموغرافي للسكان فما زال التوافق على الزعامة بان يكون الرئيس مسيحيا مارونيّا ورئيس الحكومة مسلما سنِّيا ورئيس البرلمان مسلما شيعيّا متّبعا حتّى الآن .
وما زال لبنان هو البلد العربي الأكثر جمالا في ارزه وجباله وانهاره وشواطئه واكثر انفتاحا في عاداته بالرغم من اكوام الزبالة التي تملأ شوارعه واحيائه والأهم عند ابنائه وزعمائه المخلصين من ان يشنّوا حربا على الزبالة عليهم ان يتخلّصوا من زبالة الحروب السابقة وتبعاتها واؤلئك اللذين ما زالت تعشعش في عقولهم إشعال الحرائق والإغتيالات واعمال الإرهاب والفساد والتخريب في بيروت ومدن لبنانيّة أخرى ومخيّماتها .
وحسب المسح الذي اجراه البنك الدولي فإن الفساد في الشركات والمؤسسات في لبنان قد وصل درجة عالية وأشار المسح إلى أن 61.4% من الشركات التي شملها المسح في لبنان حددت الفساد كعائقاً رئيسياً لأعمالها، مقارنة بنسبة 35.2% من الشركات عالميًا و53.2% من الشركات في منطقة الشرق الأوسط التي لديها الرأي ذاته .
وبالمقارنة مع المؤشرات العالمية، بلغت نسبة الشركات التي تواجه طلب دفع رشوة في لبنان مماثلة لتلك في توغو (%19,1)، وأعلى من تلك في الجزائر ومونتينيغرو (18,8 % لكل منهما) وغانا (18,7 %)؛ وأقل من تلك في تنزانيا (%20,8)، وألبانيا (%19,5) وساحل العاج وجامايكا (19,3 % لكل منهما). كذلك، بينت الارقام أن حصة الشركات التي تواجه طلب دفع رشوة في لبنان هي أقل من ذلك في سوريا (%69,6)، واليمن (%64,3)، والعراق، والمغرب (37,3 % لكل منهما) إقليمياً, في المقارنة تواجه 18,1% من الشركات في جميع أنحاء العالم و 24 %من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طلب دفع رشوة واحدة على الأقل عند المعاملات الخاصة بالتصاريح والتراخيص والضرائب ,
لذلك فان الحرب لإزالة الزبالة من فاسدين اهم لدفع عجلة النمو في لبنان والرفاه للشعب اللبناني من التناحر على الحرب على الزبالة وتحديد مواقع المطامر في المناطق اللبنانيّة .

[11-08-2015 12:07 PM]