الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كيف تبدو علاقة الأردن مع إسرائيل؟

    من الصعب على المرء أن يجد توصيفا دقيقا وشاملا للعلاقة الرسمية الأردنية الإسرائيلية في الوقت الحالي، فهى علاقة مركبة ومعقدة، يتوقف تعريفها على الزاوية التي تنظر من خلالها لهذه العلاقة.
    على المستوى السياسي، تبدو العلاقات باردة بين الطرفين؛ موقف حكومة نتنياهو اليمينية من عملية السلام يتعارض بشكل كلي مع موقف الأردن ومصالحه العليا. وقبل أشهر قليلة مضت دخل الأردن في مواجهة دبلوماسية مع إسرائيل بسبب الأحداث في مدينة القدس المحتلة، واستدعى سفيره في تل أبيب، ولم يقبل بإعادته إلا بعد أن التزمت حكومة نتنياهو بالمحافظة على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في المدينة، واحترام الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى.
    وبعد انتخابات الكنيست الأخيرة، وتشكيل نتنياهو لحكومة أكثر تطرفا من السابقة، شعر الأردن بالإحباط، ولم يعد يراهن على أي تحرك جدي لاستئناف مفاوضات السلام، خاصة مع تراجع الاهتمام الأميركي بهذا الملف، لصالح ملفات أخرى، على رأسها إيران.
    لكن البرود على المستوى السياسي، يقابله علاقات حيوية ونشطة على المستويين الأمني والاقتصادي.
    تطورات الأزمة السورية خلقت مساحة كبيرة للتعاون فيما يخص قضايا الحدود، وتحدي الجماعات الإرهابية المرابطة على حدود الطرفين مع سورية. ومع تنامي القلق الإقليمي من تمدد تلك الجماعات، ارتفعت وتيرة التنسيق بين الجانبين لتأمين المناطق الحدودية. إسرائيل اتخذت من جهتها خطوة احادية الجانب تمثلت ببناء جدار أمني على حدودها مع الأردن.
    وحسب تقارير غربية بلغ التنسيق بين الطرفين مستويات غير مسبوقة، وصلت إلى حد تقديم إسرائيل دعما مباشرا للأردن، لتأمين حدوده مع سورية، لمنع تسلل الإرهابيين لأراضيه. وقد أعلن مسؤول أميركي منذ أيام عن تقديم إسرائيل 16 طائرة كوبرا مستعملة للأردن لتعزيز الرقابة الجوية على الحدود مع سورية.
    على المستوى الاقتصادي، دخلت العلاقات طور التعاون الاستراتيجي بعد الإعلان عن الشراكة في مشروع قناة البحرين "الأحمر والميت" إلى جانب السلطة الفلسطينية، والاتفاق الأولي على شراء الأردن لكامل احتياجاته من الغاز الطبيعي من حقل إسرائيلي تديره شركة أميركية.
    ومع إغلاق معابر الأردن الحدودية مع سورية والعراق، تنامت حركة التصدير والاستيراد عبر ميناء حيفا الإسرائيلي. ويتجه الطرفان لتأسيس منطقة اقتصادية مشتركة على الجانب الإسرائيلي من الحدود لتسهيل حركة البضائع الأردنية عبر الموانىء الإسرائيلية.
    كان الأردن يعاني على الدوام أوضاعا اقتصادية صعبة. لكن الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية، جعلته في وضع أسوأ. وقد استثمرت إسرائيل هذه الوضعية، لتقديم البديل على أكثر من صعيد. وباستثناء قلة قليلة من المسؤولين الحكوميين، لم يعد هناك داخل الحكومة من لا يدافع عن التعاون مع إسرائيل باعتباره مصلحة أردنية، في ظل أوضاع إقليمية متدهورة.
    لكن ورغم المكاسب التي تحققت لإسرائيل في هذا المجال، إلا انها لا تقيم وزنا لمصالح الأردن عندما تتناقض مع مصالحها. في الموقف من مطار "تمناع" الذي تنوي إسرائيل إقامته قبالة مطار الملك حسين في العقبة، رفضت حكومة نتنياهو النظر بالتحفظات الأردنية المشروعة، وأصرّت على السير في تشييده، ما دفع بوزارة النقل إلى تقديم شكوى بحق إسرائيل لمنظمة الطيران الدولي.
    اسرائيل تراهن على أن الأولويات الاقتصادية والأمنية للأردن ستتفوق على كل الحسابات والاعتبارات، بما فيها عملية السلام، لابل إن تلك الأولويات ربما تصبح هي عربة السلام في المنطقة.





    [26-07-2015 10:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع