الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    اللقاء اليتيم ما قبل الموت

    منذ أيّام وأنا أتجنّب الاتصال مع صديقي الشاعر أكرم الزعبي..فهو يعيش في حالة نفسية صعبة نتيجة فقدانه لواحد من أقرب أصدقائه إليه المحامي الشاب أنور الجمل ..و أنا أفشل بني آدم من الممكن أن يخفّف عن أحد مُصاباً كمصاب الموت ..لغتي تتلعثم وأفقد السيطرة على أدواتي..!
    بل دائماً ما أهرب من أمام صاحب المصاب ..فكيف إذا كان المنكوب رقيقاً و بكّاءً بحجم أكرم الزعبي و ما أدراك ما أكرم بهكذا مواقف ..؟! بل إن تعارفنا كان على بحر من البكاء و على أرضٍ شاسعة ضاقت إلى أن صارت قبراً صغيراً حوى شاعراً عظيماً اسمه عاطف الفراية ..ومن هناك انطلقت حكاية أكرم و كامل ..!
    أمّا المرحوم أنور الجمل ..فلا يمكن لذاكرتي أن تتجاوزه ..فتى أربعيني..مليءٌ بالحيويّة و الانطلاق ..عرّفني عليه أكرم يوم انتخابات نقابة المحامين الأخيرة في أي قبل شهر تقريباً..جلسنا في مقهى بسمان بمعية محامين شباب آخرين ..وصورتي معه ما زالت تتصدر صفحتي في الفيس من يومها ..!
    جلسة واحدة فقط ولم تتكرّر ..ولكنها كانت جلسة طويلة ..تمازحنا ..تداخلنا ..ضحكنا طويلاً ..والأهم من ذلك كلّه اتفقنا على أن يكون «المحامي تبعي» في قضيتي التي سيرفعها احد البنوك عليّ ..تبادلنا أرقام التلفونات ..ولحظتها كسرنا الحواجز بيننا وصار أنور «صديقاً معتّقاً» وكأنني أعرفه من سنين ..لذا سمحتُ لنفسي بتلك الجلسة اليتيمة بأن أعمل «مقلباً» فيه شاركني فيه أكرم و بقية الشباب بتلك الليلة ..وهو يدافع عن فلسطين و الفلسطينية وعن حقوقهم و بحرقة وثّابة ..! حتى كشف أكرم المقلب و ضحكنا و تعاهدنا على النقاء ..!
    في آخر الجلسة ..نهضنا ..وتواعدنا على لقاءات كثيرة ..لم تحدث ..حتى جاء الخبر صباحاً الأسبوع الماضي ..و غرق أكرم الزعبي في دوامة البكاء و العويل و أنا عشتُ صدمتي وسؤالي الذي أطرحه على نفسي كلّما فتحتُ صفحة الفيس ورأيتُ صورتي مع أنور الجمل : لماذا لم نلتقِ ثانية رغم أن هناك مائة سبب للقاء ..؟؟ الله يسامحك يا أكرم ..ورحمة الله عليك يا أنور.





    [28-06-2015 01:45 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع