الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ثنائية الامن والحرية !!

    بعد احداث الحادي عشر من ايلول اختارت محطة سي ان ان عيّنات عشوائية لسؤالها حول العلاقة بين الامن والحرية، إذ اصبح على المواطن ان يتخلى عن نسبة من حريته من اجل أمنه، ورغم تشابه الاجوبة الا ان هناك مواطنا امريكيا شذّ عن القاعدة وقال انه لو تخلى عن القليل من حريته في سبيل امنه فهو لا يستحق الاثنين .

    وقد يكون هذا الامريكي قرأ في صباه قصائد للشاعر والت ويتمان او كتابات لإمرسون او ثورو، لكن المهم في اجابته الاستثنائية هو هذا الموقف الراديكالي من الحرية، فهي لا تقبل النقصان وتتغذى كالديموقراطية بالمزيد منها ! ولا نعرف ما اذا كان ذلك الرجل قد بدّل موقفه فيما بعد، عندما اصبح الارهاب الاعمى عابرا لكل الحدود والجنسيات، وقد تذكرت ما قاله حين رأيت الكاتب سونيكا الفائز بجائزة نوبل يخلع حذاءه ويحمله بيديه وهو يعبر البوابة المخصصة للتفتيش في أحد المطارات، كان الرجل يبتسم بخلاف آخرين كان الضّيق باديا على ملامحهم، وحين سألته عن سرّ تأقلمه مع هذا الوضع قال انه يفعل ذلك للحفاظ على حياته اولا وكأنه يرد على ذلك الامريكي الراديكالي، بالطبع ما من احد يستطيع ان يحدد نسبة الحرية التي يقبل بالتنازل عنها من اجل أمنه الشخصي، لكن هذه النسبة تزداد حتما عندما يشعر الناس بالخطر وبأن حياتهم مهددة، فالأمن كالهواء لا نشعر به الا عندما يغيب فيُصيبنا بما هو اكثر من الاختناق ! انها علاقة اشكالية وليست جدلية فقط تلك التي تربط بين الامن والحرية، فالانسان في ظروف عادية لا يشعر خلالها بالخوف لا يساوم على حريّته، لكنه ما إن يجد حياته في خطر حتى يعيد النّظر .

    لهذا كان يجب على المؤسسات ذات الصلة بهذا الشجن المزمن ان تعالج الظاهرة نفسيا وفكريا وتتقدم بأطروحات تتولاها الميديا لتأهيل الناس وتثقيفهم بهذا الجانب المسكوت عنه في حياتهم اليومية، فالخائف هو بالضرورة حذر، لهذا ينفق معظم طاقته ووقته في حماية نفسه وعندئذ تصبح الحرية كمفهوم مجرد لعبة شطرنج لا اكثر ولا اقل .

    وقد يكون احد اسباب قبول الناس بما طرأ عليهم من تفتيش يصل حدّ الانتهاك وتأقلمهم مع هذا الوضع الاستثنائي هو حرصهم على الحياة اولا، فالموتى لا يشغلون انفسهم بالسجال حول الحرية والأمن !





    [21-05-2015 12:51 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع