الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    بريق الملكية بين الأردن والسعودية

    أطلق محللون وكتاب أردنيون وصف "عاصفة الحزم" على قرار إقالة القيادات الأمنية الأخير؛ في محاكاة للعاصفة السعودية والخليجية في اليمن، والتي دشنت عهدا سعوديا غير مسبوق في المبادرة إلى مواجهة المشكلات والتحديات التي تواجه أمن المملكة.
    قد لا يكون الأمر على هذا النحو أبدا. لكن إن كان هناك ما يمكن مقارنته بالحالة الأردنية، فهو في السلوك الداخلي للقيادة السعودية الجديدة.
    لم يكن النظام الملكي في السعودية حساسا للمزاج الشعبي من قبل. وهو في هذا الميدان مختلف تماما عن النظام الملكي الأردني؛ ليس بكون الأخير يستند إلى دستور يتقدم فيه الركن النيابي على سواه، وإنما في تقاليد الملكية الأردنية وعلاقتها القائمة على الانفتاح مع الشعب، حتى في مرحلة الأحكام العرفية.
    ولهذا السبب وغيره، كان للملكية في الأردن بريقها الخاص الذي ميّزها عن غيرها من الممالك والإمارات في المشرق العربي. وكان هذا بحد ذاته ميزة وفرت للأردن مكانة استثنائية في العالم الغربي، ودورا لا يمكن للآخرين القيام به بنفس القدرة والكفاءة.
    هل بدأ النموذج الخليجي، ولنقل السعودي على وجه التحديد، ينافس النموذج الأردني؟
    لقد استأثرت الأحداث الداخلية في السعودية، خلال الأسابيع التي أعقبت تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، باهتمام وسائل الإعلام والمراقبين، بقدر لا يقل عن الاهتمام بعاصفة الحزم في اليمن.
    بعد أيام على تشكيله حكومة جديدة، أقدم العاهل السعودي على إقالة وزير الإسكان، لأن الخطة التي عرضها لحل مشكلة السكن في السعودية لم تكن مقنعة. وفي الأيام التالية، أقال وزير الصحة من منصبه، بعد نقاش متوتر مع مواطن يطالب بحقه في علاج والده بمستشفيات الرياض.
    ليس هذا فقط؛ فقد أقال الملك رئيس ديوانه بعد أن أقدم على توجيه صفعة لمصور صحفي أثناء استقبال الملك لأحد ضيوف المملكة في المطار.
    لا توجد في السعودية حرية صحافة تقريبا، ومع ذلك بدا أن خطوة الملك بمثابة انتصار لكرامة المصور الصحفي.
    هذا ميدان لم يكن أحد ينافس الأردن فيه، خاصة في أوساط الأنظمة الملكية. وفي تاريخ الحكومات الأردنية عشرات الحالات التي كان فيها الملك ينتصر لتظلمات مواطنيه. حكومات بحالها أقيلت، ووزراء استقالوا، بسبب أخطاء ارتكبوها. وفي بعض الحالات القليلة، كان السجن هو مصير المسؤولين الكبار.
    حدث ذلك في عهد الراحل الحسين، وفي عهد الملك عبدالله الثاني. وقد شكل هذا ميزة جعلت للملكية في الأردن بريقا خاصا.
    أعتقد أن من بين أهداف القرار الأخير، بإقالة وزير الداخلية وقيادات أمنية، استعادة هذا البريق من جديد، وتأكيد قدرة النظام الملكي على الاستجابة لمتطلبات الحكم الرشيد القائم على المساءلة والمحاسبة للمسؤولين، مهما علا شأنهم.
    لقد خطف النموذج السعودي حديث العهد الأضواء لفترة قصيرة، وكان لا بد من أن يمسك الأردن بزمام المبادرة من جديد، وهذا ما حصل.





    [21-05-2015 12:49 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع