الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    من يخلف الثلاثة في مواقعهم؟

    بعد ساعات قليلة على إعلان إقالة القيادات الأمنية، تجاوزت النخب -وكعادتها- الحدث وما حمل من دلالات، وانشغلت بالسؤال الأهم بالنسبة لها: من سيخلف الثلاثة في مواقعهم؟
    على المستوى السياسي، فإن المنصب الذي يثير الشهية أكثر من سواه، هو موقع وزير الداخلية. بالنسبة لمعظم النخب في البلاد، موقع وزير الداخلية "السيادي" يوازي في أهميته ومكانته منصب رئيس الوزراء. حامل حقيبة "الداخلية" يكون قريبا من أعلى المرجعيات في الدولة، ويتمتع بمساحة واسعة في صناعة القرار، تضفي على صاحبها أهمية تفوق وزارات كثيرة.
    ولذلك، كان منصب وزير الداخلية على الدوام محل تنافس الكثيرين. حتى عندما يغادر الوزير مبنى الوزارة، يحتفظ بهيبة وحضور في الأوساط العامة، لا يقارنان أبدا بما لوزراء سابقين في وزارات "عادية".
    وزارتا الخارجية والداخلية على وجه التحديد، هما الأهم في أي تشكيلة وزارية في الأردن، وتنفردان -إلى جانب "المالية"- بوصف الوزارات السيادية.
    ماكينة الإشاعات اشتعلت بأسماء المرشحين لخلافة الوزير المستقيل حسين المجالي، بعد أقل من ساعة على إعلان استقالته. وحفلت المواقع الإخبارية، وصالونات السياسة، بعديد الأسماء. ويكاد المرء يجزم أن الإشاعات تلك سبقت التفكير الرسمي بالخيارات المطروحة لخلافة المجالي.
    الشيء ذاته حصل مع منصبي مدير الأمن العام والدرك، وإن بدرجة أقل. لفيف من كبار الضباط المتقاعدين، من مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، تم ترشيحهم للموقعين. وكان هناك من يدفع بأسماء معينة لغايات شخصية.
    هذه تقاليد أصيلة وراسخة في الحياة السياسية الأردنية. لكن مثل كثيرين غيري، كنت أتوقع أن صدمة التغيير هذه المرة، وما حملت من رسائل مهمة، قد تدفع نخبنا إلى التفكير بطريقة مغايرة، والتوقف عند دلالات الحدث، قبل الانشغال بلعبة الأسماء.
    لكن ردة الفعل جاءت مخيبة؛ النخب لا تريد أن تتعلم الدرس، ولا تنوي فهم الرسالة مما جرى. فهي ما تزال تعتقد أن لعبة تبديل الكراسي المسلية مستمرة على حالها، وبنفس الطريقة المملة.
    في غضون أيام، وربما ساعات قليلة، ستتضح هوية الأشخاص الذين سيخلفون القيادات الثلاث في مواقعهم. وبعيدا عن لغة التكهنات والإشاعات، فإن من يقع عليه الاختيار يستحق التعاطف، لا التهنئة والحسد من الناس.
    التغيير لم يأتِ هذه المرة بالطريقة الاعتيادية المعهودة؛ وإنما بشكل استثنائي غير مسبوق، على خلفية "قصور" في أداء المهمات ومعالجة الواجبات الأمنية. كما يتزامن مع ظرف أمني حساس على المستوى الإقليمي، وفي مرحلة تكرس مؤسسات الدولة جل وقتها لاستعادة هيبة القانون وفرض سلطته، ضمن استراتيجية متدرجة.
    من يخلفون القيادات الثلاث، يعلمون هذه الحقائق قبل أن يقبلوا التحدي. ويدركون أن عليهم إحداث فرق في الأداء، وأن يصوبوا الاختلالات القائمة، وينسجوا أفضل العلاقات مع مؤسسات الدولة، لإنجاز المهمات المطلوبة.بغير ذلك، فإن مصيرهم لن يكون بأفضل من غيرهم.
    النخب لم تتوقف عند هذه الحقائق، وهي تتلهى بلعبة الأسماء. والبعض يستغل ما لديه من رصيد في العلاقات، ليحظى بفرصة الترشح لأحد المناصب.
    الأمر لم يعد كما كان في السابق؛ تحمّل المسؤولية أصبح ملازما لتولي المنصب العام. ومن لا يستطيع الجمع بين الاثنين، من الأفضل أن يجنّب نفسه الإحراج، ويجنّب البلاد مزيدا من أخطاء التجربة.





    [20-05-2015 09:25 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع