الرئيسية 
مقالات واراء
الحكمه التي جعلت ديوان المحاسبة وما يخصه جزءا من مواد الدستور تقول ان دوره ليس توثيقا للتجاوزات والمخالفات المالية والإدارية بل جزء من ادوات الدولة الرقابية وآلية لمحاربة الفساد ، وإلا لكان انشاء ارشيف لتوثيق هذه المخالفات قرارا اداريا يتخذه كل وزير بما يخص وزارته.
ورغم الدهشة التي تصاحب إصدار التقرير السنوي للديوان الا ان هناك سؤالا يصدر من الناس في نفس الوقت :- ما هي الإجراءات التي تمت بحق هذه المخالفات ، وهل تم وقف التجاوزات ام ان من تجاوز فعل ما يريد وأخذ ما أخذ او حمل الدولة وموازناتها نتائج قراراته الإدارية او المالية غير السليمة.
اعلم تماما حجم الجهد الذي يبذله ديوان المحاسبة وكادره في العمل والمتابعة ، وايضاً حجم الضغوط التي يواجهها ، وايضاً الغضب الذي يجتاح الحكومات من مضمون التقرير الناقد مثلما هو الحال اليوم حيث اصبح مضمون التقرير وما سجل من تجاوزات مادة اعلامية مثيرة ومؤسفة ايضا ومؤذية لمشاعر الأردنيين الذين يقرأون التفاصيل وحكايات الفساد ، لكن الناس تحتاج الى ان يرافق كل تقرير توضيحات ليس بالضرورة ان تكون جزءا منه بل مصاحبة لنشره تتعلق بأمرين-:
الاول يتعلق بالرقابة المسبقة والوقائية التي يمارسها الديوان ودورها في ضبط مسار المؤسسات منعا لأي تجاوز او مشروع فساد من اي موظف او مسؤول وهل ما يتم نشره من تجاوزات حدثت ودفعت الدولة ثمنها ام تم تداركها او منع بعض منها.
والثاني يخص الإجراءات التي تم اتباعها من قبل الحكومة بعد تسجيل التجاوزات لتصحيح الأخطاء والحفاظ على مال الدولة او تصحيح اي قرار خاطىء ، سواء كان تسجيل المخالفات قبل وقوع الأخطاء او بعدها ، لان الناس تعتقد وهي تقرأ كل حالات الفساد المالي والاداري الذي تقرأ عنه من التقرير ان الأمور «سايبة» وان كل شخص يفعل مايريد وان ديوان المحاسبة ليس اكثر من ضمير مستتر يشير الى مواطن الخلل وتسجيل حكايات الفساد التي تتحول الى عناوين ومانشيتات في الصحف والمواقع الاخبارية لتترك في نفوس الناس الحسرة والألم.
ما يتضمنه تقرير ديوان المحاسبة هام ، وهو جهد رقابي يسجل للديوان وكادره ولمؤسسية الدولة الاردنية لكن كيف ينظر الناس الى ما يتم نشره من قصص وحكايات فساد وتجاوزات امر هام ، حتى لا يتحول مضمون التقارير الى عامل يزيد الاحباط ويعمق اليأس من امكانية محاربة الفساد ، وحتى لا يعتقد أي مسؤول ان بامكانه فعل ما يريد ، وان التقرير ليس أكثر من كتاب يوثق وارشيف يسجل.
