الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    مفاجأة السعودية

    لم يجد أستاذ العلوم السياسية السعودي ما يقوله ردا على سؤال فضائية "الجزيرة"، مساء أول من أمس، حول إعلان بلاده المفاجئ انتهاء "عاصفة الحزم" في اليمن، وبدء عملية "إعادة الأمل". الأكاديمي السعودي بدا ممتعضا من الإعلان، ووصف أقوال المتحدث العسكري السعودي بالمتناقضة.
    الإعلام الخليجي عموما ظهرت عليه علامات الصدمة حال صدور البيان السعودي، وحاول جاهدا تبرير خطوة بدت غير مفهومة لمعظم معلقيه، خاصة أنها جاءت بعد ساعات قليلة على قرار سعودي بإشراك قوات الحرس الوطني، المدربة تدريبا عاليا، في"عاصفة الحزم"، وهو ما عدّ من طرف المراقبين تصعيدا عسكريا ينذر بتدخل بريّ في اليمن.
    لكن على خلاف التوقعات، حدثت انعطافة مفاجئة، جاء أول مؤشر عليها من طهران، ولذلك دلالات كثيرة، حين أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، وقبيل ساعات من صدور البيان السعودي، عن قرار وشيك بوقف العمليات العسكرية في اليمن.
    للوهلة الأولى، لم يتعامل المحللون مع التصريح الإيراني بجدية. لكن بعد إعلان السعودية رسميا وقف "عاصفة الحزم"، تأكد للجميع أن دبلوماسية الكواليس فعلت فعلها. وعزز هذا الاعتقاد ما نقلته وسائل إعلام محسوبة على إيران من تفاصيل عن اتصالات إيرانية أميركية سعودية، حملت في طياتها رسالة تهديد من طرف طهران باستخدام القوة في حال واصلت السعودية قصفها الجوي لمواقع الحوثيين.
    هل تراجعت السعودية بسبب التهديد الإيراني بتوسيع نطاق المواجهة؟
    ليس مؤكدا. لكن الواضح أن القيادة السعودية وجدت نفسها مضطرة لمراجعة خططها في اليمن.
    من الناحية العملية، السعودية لم تحقق الأهداف التي شنت من أجلها "عاصفة الحزم"، وهي معلنة وصريحة؛ انسحاب المليشيات الحوثية من المدن والبلدات اليمنية، وتسليم سلاحها، وعودة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي. وقررت استبدالها بقائمة جديدة من الأهداف التي يمكن تحقيقها بوسائل تمزج بين الدبلوماسية والتهديد باستخدام القوة. ولتجاوز مأزق "العاصفة"، جرى استبدالها أيضا بعنوان جديد لا يحمل أي دلالة عسكرية: "إعادة الأمل". ووضعت لها حزمة أهداف جديدة ذات طابع سياسي بحت؛ استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني. إضافة إلى مهمات أخرى ذات طبيعة إنسانية وإغاثية.
    باختصار، العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل "عاصفة الحزم"، مع الأخذ بعين الاعتبار نتائج القصف الجوي الذي أضعف قدرات الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وتوظيف هذا المتغير لفرض وقائع سياسية جديدة للمرحلة المقبلة.
    المعلومات الشحيحة حول شكل المرحلة المقبلة، تشير إلى توافق مبدئي بين السعودية وإيران على تنحية الرئيس هادي عن المشهد، وتعيين رئيس الوزراء خالد البحاح رئيسا للبلاد.
    لكن المعطيات الميدانية لا توحي بأن الفرقاء في اليمن على استعداد للدخول في حوار سياسي، ووقف المواجهات الميدانية التي استمرت من الطرفين بعد الإعلان السعودي عن وقف إطلاق النار.
    التحول المفاجئ في موقف السعودية، يعطي الانطباع بأن "العاصفة" لم تكن سوى لحظة عابرة في السياسة السعودية، سرعان ما تجاوزتها، لتعود من جديد إلى واقعيتها التقليدية التي عرفت بها.
    وفي المحصلة؛ العاصفة السعودية انتهت، بينما الأزمة في اليمن مستمرة.





    [23-04-2015 07:53 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع