الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    العاصفة في مأزق

    "اليمن ينزلق تدريجيا إلى حرب أهلية طائفية، تعيد إلى الأذهان بدايات الأزمة السورية ومن ثم العراقية". تلك هي الخلاصة التي توصل إليها خبير دولي في شؤون العالم العربي، ووردت في سياق تغطية "الغد" للتطورات في اليمن.
    عمليا، ما الذي تغير في اليمن بعد عشرة أيام على بدء "عاصفة الحزم"؟
    نجحت غارات التحالف، بقيادة السعودية، في تدمير المطارات والقواعد الجوية، ومنصات إطلاق الصواريخ. لكن هذا بالنتيجة يقضي على آمال وجود جيش قادر على حفظ أمن البلاد ووحدتها، في حال تمكنت اللجان الشعبية المؤيدة للرئيس عبدربه منصور هادي من حسم المواجهة مستقبلا. وسيحتاج اليمن لمئات الملايين من الدولارات لإعادة بناء قواته العسكرية.
    كان الهدف الأساسي من القصف الجوي المكثف، وقف تقدم الحوثيين نحو عدن. لكن ذلك لم يحصل على نحو حاسم؛ فحتى يوم أمس، كانت معظم أحياء المدينة تحت سيطرتهم، لا بل إنهم دخلوا القصر الجمهوري ولم يغادروه إلا بعد غارات عنيفة للطائرات، أجهزت على ما تبقى منه.
    تنظيم "القاعدة" كان أكبر الرابحين من الغارات الجوية؛ فقد استغل انشغال الأطراف المتصارعة، وتوقف طلعات طائرات "الدرونز" الأميركية، للتوسع في عديد المحافظات. قبل يومين، تمكن مقاتلو "القاعدة" من السيطرة على مدينة المكلا؛ كبرى مدن محافظة حضرموت. ويسعى تنظيم "القاعدة" إلى بسط سيطرته على المحافظة بأكملها، والتي يتمتع بحضور قوي فيها.
    وحال سيطرة مقاتلي "القاعدة" على المكلا، أطلقوا العنان لحرب طائفية ضد "الحوثيين والروافض". ويرى خبراء أن هذه الدعوة ستلقى صدى واسعا في ظل المواجهات المحتدمة بين الحوثيين وأنصار الرئيس هادي، ودخول أطراف إقليمية على خط الأزمة.
    النتائج المتواضعة لعاصفة الحزم لم تكن مفاجئة للمراقبين المستقلين، لكنها مخيبة بالنسبة لأنصار الرئيس هادي، الذين راهنوا على حسم الموقف ميدانيا في زمن قياسي. ولتفادي مأزق كبير، تواترت دعوات العديد منهم لتدخل بري عاجل لإنقاذ الموقف.
    ويخشى من أن فقدان الأمل بدحر الحوثيين عبر الغارات الجوية، قد يدفع بقادة "عاصفة الحزم" إلى القبول بخيار التدخل البري؛ مبدئيا في عدن التي تفيد الأنباء بوصول قوات سعودية خاصة إليها، ومن ثم في مناطق أخرى مجاورة.
    وضع القدم الأولى على الأرض، يعني بداية الانزلاق في المستنقع اليمني، وسيكون من الصعب بعدها الخروج منه.
    في جميع الصراعات من حولنا التي شهدت تدخلا بريا، كانت النهايات مأساوية. الذاكرة ما تزال طرية في العراق وأفغانستان، ومن قبل في لبنان. ولماذا نذهب بعيدا؛ اليمن شهد من قبل تدخلا مصريا، انتهى بالطرفين إلى الكارثة.
    لقد احتلت الولايات المتحدة العراق كله، وأسقطت نظامه، وفككت جيشه، لكنها لم تفلح في تحقيق الاستقرار؛ فتركته يعاني أسوأ حال.
    حصل الأمر ذاته في أفغانستان. ومع مغادرة القوات الأجنبية أراضيها، ما تزال حركة "طالبان" تقاتل في أرجاء البلاد.
    التدخل البري في اليمن سيكون كارثة على اليمنيين، وعلى الدول التي ترسل جيوشها هناك ولا تعرف من تحارب؛ "أنصار الله"، أم "القاعدة" والميليشيات الفئوية.





    [08-04-2015 08:23 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع