الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    العمل على الورق شيء والواقع شيء آخر !

    إلى أن تنتهي هذه الجائحة سيكون أمام الحكومة عدد كبير من الخطط والاقتراحات المالية والاقتصادية المتزامنة لمواجهة التداعيات الاقتصادية وكأن هناك سباقا بين مراكز ولجان أهلية بعضها يدفعه الرغبة في المساعدة وأخرى تمارس التنظير.

    فات هؤلاء وأولئك أن كل ما هو موجود اليوم من أرقام هي عبارة عن تنبؤات لا يمكن اعتمادها في خطة، فما تفعله الحكومة حتى الان هو سلوك صحيح إذ تتصدى لمعالجة التطورات أولا بأول ووفق الظروف الراهنة في شقين الأول صحي والثاني اقتصادي اجتماعي تعتمد على نتائج الإجراءات التي تنفذ والتي يجري مراجعتها حتى لا تكون، النتيجة مأساوية، وفي جميع الحالات الأحداث الفعلية على الأرض أسرع وأكثر حدية مما يمكن تطويقه بما يوضع على الورق.

    الواضح أننا سندخل في ركود اقتصادي أسوة بما يجري في العالم لكن الأهم هو امتصاص خطورته حتى لا تكون عملية النهوض صعبة فبعد نزول سريع ومفاجئ والنهوض يستغرق وقتا أطول.

    ستحتاج الحكومة الى برنامج تنفيـذي لما تبقى من العام والعام المقبل لاجتذاب منح ومساعدات أجنبيـة من دول وصناديق عالمية ترى في الأهداف الموضوعة في الخطة أهدافا مقنعة تتخذ من نجاحها نموذجا يجري تعميمه على دول مشابهة والتركيز هنا يجب أن يكون على التعليم والصحة والبيئة والفقر والبطالة، وإجراءات تحفيزية للقطاعات الأكثر تضررا ولأكثر تشغيلا للعمالة.

    التحدي الأكبر هو ما بات يعرف اليوم بـ«رعب البطالة» وأقل التوقعات تشاؤما ترفع معدلاته إلى ما يتجاوز 23% مرة واحدة، ويمكن كبحه بعودة تدريجية لمهن منظمة وغير المنظمة، وهي التي خصصت لها الحكومة صندوقا أطلقت عليه صندوق «همة وطن».

    لكن حتى هذا الصندوق الذي يفترض به أن يغطي أضرار هذه الشريحة وهي كبيرة لشهر أو شهرين على أبعد تقدير لن يستمر في تحمل هذا العبء ليس فقط لأن مدته مرتبط بالأزمة بل لأن مصادره من المال ليست متجددة.

    حتى لا تشكل الخطط والمقترحات شوكة في حلق الحكومة بما يظهرها عاجزة عن التخطيط، عليها أن تسرع في وضع تصور اقتصادي عام مرن وواقعي مع أن أحدا في العالم لا يعرف على وجه الدقة ماذا يمكن أن يتوقع، وما هو المطلوب لاستباق هذه التوقعات بسيناريو واحد أو أكثر.

    من استقراء تصريحات جلالة الملك فإن المهم أولا تحديد الأنشطة الاقتصادية القادرة على استئناف النشاط وتتوفر لديها كفاءة الانضباط الصحي للبدء في العمل، إضافة الى وضع أهداف محددة لاستئناف الإنتاج بأدوات تنفيذ عملية.

    بالنسبة للخطط والمقترحات التي ستتلقفها الحكومة، يبقى أن العمل على الورق شيء والواقع شيء آخر.





    [08-04-2020 07:42 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع