الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    قواعد الاشتباك .. ضد العدو الشبح - يونس الكفرعيني

    حين يلزم نصف سكان المعمورة منازلهم، ويخبو صوت الكرة الأرضية من ضوضائها البشري، الا من بعض التصريحات والبيانات التحذيرية، واصوات صفارات الانذار والاسعاف، وابتهالات المآذن ودور العبادة، وبعض الصرخات من اصحاب المعاناة المرضية او الاقتصادية أو النفسية.

    وحين تمزجر تلك الآليات العسكرية بعتادها وعدتها، ويغلب الزي العسكري على الشاشات، ونرى وجوها لم نالفها الا في المناسبات الرسمية، بل واصبحنا نعتاد على المصطلحات التي تحمل صيغة الوعيد والتهديد، من اي تجاوز او عدم التزام، ونرى عبر العالم الواسع كيف تلون باضواء التحذير الشُرطية الأمنية.

    حين بدات البشرية تتلمس الخوف على لقمة عيشها، وتلاشي مفهوم الأمن الغذائي فيها شيئا فشيئا، اصبح الشغل الشاغل عند الكبير والصغير، الغني والفقير هو تامين الاحتياجات من ضروريات الحياة من طعام وشراب، خوفا من مجاعة متوقعة او كساد تجاري في القطاعات الغذائية العالمية.

    وحين يختفي الحديث عن الامراض التي كانت تشغل حديثنا وحوارتنا الاجتماعية او الوسط الطبي، غاب عن اسماعنا تلك الامراض العضال، وكانها اصبحت شيئا من الماضي، لاغية بطبيعة الحال حملات التوعية والتثقيف، وصرنا نشعر ان الخوف من الزائر الجديد اهم واكبر.

    حين يحدث كل ذلك،، فأعلم أننا جميعا في هذا الكوكب في حالة حرب، تتطبق فيها قواعد اشتباك ضد عدو غاشم يستولي على مقدرات الشعوب والأمم!!

    ستقول لي لحظة!! اين هو العدو؟! لا نسمع اطلاق النار اين هي ساحات القتال؟! لا يوجد طائرات تقصف! ولا صواريخ تضرب! الجنود في المدن والقرى والمستشفيات وليس في ميادين الحرب؟ّ!

    نعم، انه نوع جديد من الحروب، الذي يتطلب شكلا جديدا من انماط قواعد الاشتباك، وفنا اخر من فنون القتال والخديعة، فعدونا اليوم اقرب ما يكون الى شبح خفي، سلاحه الاكبر عدوى بغيظة ينشرها مثل النار في الهشيم، وبكل وسيلة ممكنة وباي طريقة متاحة، عبر الشعوب والدول والقارات، لم يسلم منه طفل ولا رضيع، شاب او كهل، رجل او امراة، بكل ثقة يتسلل حتى في اروقة عليّة القوم، لا أحد معصوم اليوم، فالجميع في خندق المواجهة.

    كورونا، لا يبالي حتى باعتى العلاجات والعقاقير، بكل عنف يضرب دون هوادة، يطفق مسحا بالسوق والاعناق، الا من شاء الله تعالى له الشفاء بقدرته، امام عجز هذا العالم الضعيف الخائب المنكسر، إن لهذا العدو صولات وجولات، وموجات وهبات، وكانه يكر ويفر، ماكر خادع، حير العلماء والخبراء، واعجز السياسين والأقتصاديين، واثبط الرياضيين والناشطين، وكذلك ابكى وارجف قلوب المؤمنين.

    قواعد الاشتباك اختلفت اليوم، فعدونا خفي، لم تعتد البشرية في عصرنا الحالي على هكذا حروب، ولن اقارن ما حدث في القرون الغابرة، التي لم تمتلك من القوة والتقدم والعلم ما تملكه البشرية اليوم، العدو اليوم سريع، مجهول الطباع، فهذا الوباء يسعى لتحطيم اي رقم قياسي سابق في ايذاء البشر، وتركيعم ليعلموا حقيقة حجمهم، وان ما جمعوه من قوة، لا يمكنهم ان يوقفوا الشبح.
    عافانا الله واياكم





    [06-04-2020 10:48 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع