الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    إربد يا إربد

    قبل ان يشتد اللوم على اربد إنبرى معلقون من كل أنحاء المملكة بتعليقات دافئة، داعمة، تضامنية، و محبة الى أقصى الحدود. بل ظهرت مبادرات منظمة لمخاطبة اهل اربد والتضامن معهم والحق أن قصّة العرس التي شكلت مادة للتعليقات اللاذعة على مدار ايام لا تظهر ابدا اي خاصّية سلبية لأهل اربد فهي محض صدفة سيئة وقد كان يمكن ان تقع في أي مكان آخر وليس بالضرورة مع أهل جحفية البلدة الجميلة الرابضة على ربوة مطلة بين قرى بني عبيد والمزار الشمالي وخرجت مئات الكفاءات وحملة الشهادات في كل التخصصات.

    اربد الآن ستكون مختبر المملكة لامتحان اثر الأخطاء في الاختلاط، ثم جدوى الاستدراك بالتشدد في العزل لمنع انتشار الوباء خارج حدود السيطرة. الخبر المؤسف منذ يوم الخميس أن قفزة حدثت في عدد الاصابات الجديدة وكانت حصة اربد الأكبر منها ومن المتوقع أن تتزايد الأعداد فالله وحده يعلم كم خالط من حضر العرس من آخرين والآخرين كما خالطو من غيرهم. ولذلك اعتبرت اربد بصورة خاصة منطقة تحت الخطر فخصت الحكومة المحافظة الشمالية بقرارات أكثرصرامة وتشددا بعزلها عن المملكة وعزل مناطقها عن بعضها وخصوصا قرى المزار وبني عبيد. ولا ادري ماذا يعني وضعها تحت سيطرة الجيش؟ هل هو وضعها تحت الحكم العسكري ؟ فقانون الدفاع مطبق ويعطي صلاحيات عرفية للسلطة التنفيذية باستخدام الجيش في كل مكان. وربما هناك رسالة معنوية حازمة بحلول الجيش محل قوى الشرطة والأمن على الحاوجز وفي الشوارع وعلى كل حال نقابل القرار بالترحيب وكتب احد المعلقين : لا نقول ان الجيش يسيطر على اربد بل يحتضن اربد والجيش أهلنا وربعنا وعزوتنا والناس تثق بهم وستتعاون معهم بكل محبة وتقدير.

    لا ندري كم ستدوم هذه الاجراءات التي قطعت المسار الطبيعي لحياة اربد وأجندتها بالمناسبة كانت مزدحمة بالمواعيد والالتزامات خلال الفترة القادمة وليس أقلها التحضيرات لإربد عاصمة للثقافة العربية العام القادم وهو حدث وطني هام جدا لا يتكرر ان يتم اختيارهذه المدينة الرائعة من بين آلاف المدن العربية وكان رئيس الوزراء قبل اسابيع فقط قد شكل برئاسته لجنة عليا للاشراف على التحضيرات التي سيكون على راسها رجل الدولة العصامي ابو عصام عبد الرؤوف الروابدة الذي يترأس ايضا مؤسسة اعمار اربد التي اعيد تشكيلها حديثا ايضا وتزدحم اجندتها بالكثير من الأفكار والمشاريع التي تنفذ بالتعاون مع بلدية اربد الكبرى وهي بدورها مشاريع ضخمة لتطوير اربد الكبرى.

    يجب ان نقول بكل أسف ان التوقعات ليست وردية لا لإربد ولا لكل المملكة بعد الخروقات الخطيرة التي حدثت، ومقابل المشاهد الحضارية الرائعة للصف المتباعد أمام مراكز تسوق رأينا بالتزامن هجمات وازدحام مخز في مواقع أخرى خربت على خطط الدولة الوقائية. ودعونا نوضح حقيقة أساسية هنا وهي ان السلطات اتبعت استراتيجية صحيحة منذ البداية وفق مبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج، بعكس كثير من الدول المتقدمة التي دفعت لاحقا ثمنا باهضا. ولعل المسؤولون كانوا يعون جيدا حدود قدراتنا ونحن نرى أقوى الأنظمة الصحية تنهار تحت وطأة الوباء وضمن واقعنا الاداري والامكانات والثقافة السائدة فان الانهيار عندنا سيكون مؤكدا لو اتسع الوباء وسنذهب الى كارثة صحية واجتماعية. وفي بعض الدول الغربية الأكثر تقدما وتنظيما مثل ايطاليا يضطر الأطباء للمفاضلة بين المرضى، من يضعون على اجهزة التنفس ومن يترك لمصيره ليموت في بيته أو في ردهات المستشفيات. وأمس تابعنا طبيبا أردنيا مقيما في ايطاليا ( د.محمد الشرع من اربد ) يدلي بشهادة دراماتيكية عن الحال هناك ويوجه رسالة للأهل في اربد للأخذ بسياسية الوقاية والتحوط والعزل والتزام البيوت. وغدا ستحاسب شعوب كثيرة قادتها على خياراتهم الخاطئة بالتأخر في أخذ القرارات التي اتخذها الأردن ومن بينهم ترامب الذي قلق على اثر وقف الأعمال والمؤسسات على الإقتصاد والبورصه اكثر من القلق على حياة الناس.





    [28-03-2020 08:19 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع