الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    استراتيجية الحصار وكسر سلسلة الانتشار

    مرة أخرى.. الوعي والمعرفة والالتزام هي ثلثا الطريق للتغلب على أخطار انتشار فيروس كورونا. هذا الوباء بات حقيقة واقعة يطال بشروره العالم كله وتسابق البشرية الزمن لمحاصرته والتغلب عليه والحد من أضراره بعد أن وحدها أمام هذا الخطر المستجد والمصيري الذي لم تنفع معه الحدود ولا قوانين السيادة.

    والراهن اليوم أن المعركة ضد هذا الوباء لم تعد فقط مسؤولية الحكومات والأجهزة الصحية، فالمواطنون؛ أفرادا وجماعات، والمؤسسات الأهلية، كلهم يجب أن يكونوا منخرطين في هذه المعركة الصعبة للانتصار على الخطر والخروج بأقل الأضرار وعدم ترك زمام الأمور تفلت من الأيدي كما جرى في إيطاليا وإيران وبعض الدول قبل أن يعود الناس للاستفاقة لكن بعد أن دفعوا ثمنا باهظا من الأرواح والإصابات والانهيارات.

    الحمد لله، نحن في الأردن كما في العديد من الدول، التقطنا اللحظة المناسبة بعد أن تأخر وصول الوباء نسبيا إلى أجوائنا وبعد أن تشكلت للمجتمعات والدول خبرة كبيرة في استراتيجيات التعامل مع هذا الوباء، لكنها إيجابية مرهون استمرارها بترسيخ المزيد من الوعي والعمل والمثابرة، والأهم الشراكة بين الرسمي والشعبي وعدم التهاون بدور أي منهما.

    استراتيجية الحصار للوباء هي الممكنة والأنجع للتعامل معه والحد من أخطاره على المجتمعات والدول، لذلك تجد أن أغلب دول العالم باتت تلجأ اليوم، كما الأردن، إلى الإجراءات الطارئة والمشددة بمنع التجمعات وتقليل الاختلاط بين الناس وتعطيل المدارس والجامعات والمؤسسات وتفعيل سياسات العزل المنزلي لوقف سرعة انتشار العدوى.

    هذه الاستراتيجية لا تدّعي وقف تسجيل الحالات بفيروس كورونا، بل الهدف الأساسي منها هو وقف سلسلة تسارع انتشار العدوى، ما يسهم بالتنفيذ الجيد والالتزام الصحيح باحتواء المرض وخفض معدل الإصابات به إلى الحد المقبول والممكن التعامل معه من قبل النظام الصحي.

    ما الذي يعنيه كسر سلسلة الانتشار الذي يستهدفه العزل المنزلي والحد من التجمعات لفترات مؤقتة تصل لأسابيع كما اتخذ في الأردن؟ هو يعني ببساطة محاولة السيطرة على المصدر الأساسي للعدوى المحتملة، وهو هنا القادمون من خارج المملكة عبر عزلهم بحجر صحي لأسبوعين هي فترة الحضانة للفيروس ومنعهم من الاختلاط بالسكان المقيمين للحد من انتشار المرض.

    أيضا يعني هذا المفهوم محاولة الحد من خطر العدوى ممن أصيب بالفيروس من السكان المقيمين، وهي فئة يفترض بانتهاء إمكانية العدوى لديها خلال أسبوعين عبر الشفاء في الغالب، ما يسمح بعدها بعودة الحياة إلى طبيعتها قدر الإمكان، لذلك يأتي التأكيد الحكومي بالتشديد على أهمية هذين الأسبوعين وضرورة الالتزام بالشروط المشددة خلالهما للحد من سرعة انتشار الفيروس.

    كارثة هذا الوباء ليست في صعوبة الشفاء منه؛ حيث إن أغلب الفئات العمرية الصغيرة والمتوسطة قد لا تحتاج لدخول المستشفى للتشافي منه، بل الكارثة هي في عدم السيطرة على انتشاره وتسارع الإصابة به، ما يحمل النظام الصحي أعباء وضغوطا كبيرة تعرضه للانهيار كما حدث في إيطاليا؛ حيث لا قدرة لأي نظام صحي في العالم على التعامل مع آلاف وعشرات الآلاف من الإصابات بهذا الفيروس في الوقت ذاته.

    ندعو الله أن نتمكن في الأردن، بل وأن تتمكن كل الدول، من كسر سلسلة انتشار الفيروس عبر الإجراءات الطارئة التي اتخذتها، وهو أمر ممكن بلا شك لكنه يحتاج لوعي جماعي وفردي وعمل دؤوب من الجميع رسميا وشعبيا.

    كذلك، فإنه وحتى لو كسرت هذه السلسلة الشيطانية، فإن ذلك لن يعني الركون والتهاون فستبقى الحاجة ملحة للالتزام بشروط الصحة العامة والابتعاد عن الاختلاط قدر الإمكان والتعامل بتشدد مع المعابر الحدودية للقادمين وغيرها من إجراءات.





    [19-03-2020 08:51 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع