الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    في يوم المرأة .. أين وصلنا؟

    صادف أمس ذكرى الثامن من آذار(يوم المرأة)، وهو اليوم الذي تستذكر فيه البشرية نضالات النساء، وتحديدا الخطوات الاولى من تلك النضالات عندما خرجن سيدات وعاملات اميركيات في تظاهرات مطلبية متحدين كل اشكال القمع والقهر والظروف الاجتماعية للمطالبة بحقوقهن.

    ذاك التحرك بدأ قبل ما يقرب من 170 عاما وتحديدا العام 1856 حيث خرج آلاف النساء في نيويورك احتجاجا على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل فيها، وقتها تدخلت الشرطة الاميركية بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات، بيد أن المسيرة نجحت في دفع السياسيين لطرح مشكلة المرأة العاملة على جدول اعمالهم.

    وفي 8 آذار/ مارس عاد الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار(خبز وورود)، وطالبت المسيرة بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، ونتج عن مُظاهرة الخبز والورود حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة، فانضم لها نساء من الطبقة المتوسطة للمطالبة بالمساواة والإنصاف، وبدأت النساء برفع شعارات تطالب بحقوق سياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب.

    بيد ان تخصيص يوم الثامن من آذار/ مارس كيوم عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة من ذلك، لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم لاعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة، فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة.
    اليوم، في العام 2020 بعيدا عن منابر الخطابة التحفيزية، ووهج الأمنيات والمخطوطات المحفوظة في بطون الكتب والدراسات، بعيدا عن المثاليات غير الواقعية، ومساحيق التجميل التي نضعها على وجوهنا ونحن نعتلي منابر الخطابة لنثمن دور المرأة في المجتمع وأهميته، وبعيدا عن كلمات الشعر التحفيزية التي قيلت في المرأة والتي قابلها آلاف الأشعار التي انتهكت جسدها وقدمتها لذكورية الرجل، بعيدا عن كل ذاك، لو وقفنا امام حقيقة الامر وامام مرآة الواقع فإننا سنجد اننا ما نزال في أسفل سلم الترتيب، اذ يكفي ان نستذكر ان تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016 قال ان الأردن في أسفل سلم الفجوة الجندرية بين الجنسين، كما سنجد ان العنف ضد المرأة والتحرش بها ارتفع، وان التنمر عليها في ازدياد، فيما حالات الإنكار متواصلة.
    الحقيقة صادمة، إذ لا يكفي ان نتحدث عن المرأة في المنتديات ونفخر بها عبر المنابر، فيما نقاوم في التشريع تمكينها، فالمرأة ما تزال غير قادرة على منح جنسيتها لأبنائها، وتعامل في وطنها وكأنها غريبة عنه، وهي غير قادرة على الوصول للمناصب القيادية، وليس أدل من الفكر الجندري الذي نتمتع به جميعا اننا لم نفكر يوما عند ارتفاع وتيرة الكلام عن حكومة جديدة او رئيس وزراء لا يأتي ذكر اسم سيدة مرشحة للموقع وكأن الأمر حكر على الرجال فقط.
    ونحن نتمنى لسيدات وطني عاما سعيدا وتحقيق الأمنيات التي يتطلعن اليها، الحقيقة التي تتوجب رؤيتها ان السيدات يعانين من فكر ذكوري مستفحل وقوانين قاصرة لا تساعدهن في تحصيل حقوقهن، كما ان الانظمة ما تزال قاصرة بتمكين المرأة في سوق العمل والاجر والمواقع القيادية، وهذا يتطلب اعتراف الجميع بالواقع، إذ لا يكفي ان تعترف الحكومة وحدها بأهمية تمكين المرأة، وإنما يتوجب ان تعترف كامل مكونات الدولة بذلك وتعمل على توسيع قاعدة التمكين من منطلق التحفيز الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
    ختاما، كل عام وسيدات الأردن بخير، وسيدات فلسطين وسورية بألف خير، وكل سيدات العالم اللواتي يكافحن للوصول لحقوقهن والحفاظ عليها بألف خير.





    [09-03-2020 08:43 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع