الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عن أي عدالة اجتماعية تتحدثون؟

    في العشرين من الشهر الحالي احتفل الأردن مع دول العالم بيوم العدالة الاجتماعية، تحت شعار «جسر هوة التفاوت لتحقيق العدالة الاجتماعية» حيث قام العديد من المؤسسات بتنظيم فعاليات بهذه المناسبة.
    ولكن، تحقيق العدالة الاجتماعية في الأردن، لايمكن أن يتم من خلال الاحتفالات وتنظيم الفعاليات والحملات فقط، فبالرغم من أهمية هذا الجهد للتوعية بالعدالة الاجتماعية والعمل من أجل تحقيقها، إلا أن الفعل المنظم المستمر والضاغط على الحكومة ومؤسساتها المتنوعة لتطبيق العدالة الاجتماعية في عملها وعمل مؤسساتها ووزارتها وسياستها يساهم فعلا في تحقيق العدالة الاجتماعية.
    كما أن الضغط على البرلمان لتعديل القوانين والتشريعات لتعزيز العدالة الاجتماعية يساهم فعليا في تعزيز العدالة الاجتماعية.
    ويساهم أيضا في تعزيز العدالة الاجتماعية مراقبة مؤسسات القطاع الخاص ومدى التزامها بالمبادئ والتشريعات الخاصة بالعدالة الاجتماعية، ومحاسبة أي مؤسسة لاتطبق هذه المبادئ والتشريعات، أو تخالفها، أو تتعامل بانتقائية معها.
    ولكننا في الأردن، لا يمكن أن نصل إلى العدالة الاجتماعية، وجسر هوة التفاوت، ولدينا آلاف الشباب معطلين عن العمل، ولا يجدون فرصا للعمل، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ولعدم اتخاذ الحكومة الاجراءات المناسبة لايجاد فرص عمل لهم، ما أدى إلى رفع نسبة البطالة إلى درجة مخيفة ومرعبة ( 19.2 %).
    لايمكن تحقيق العدالة الاجتماعية، في ظل حد أدنى للأجور لايحقق للعامل أدنى حماية اجتماعية، ولا يوفر له متطلبات حياته الرئيسية. ومع أن الحكومة ستقوم منذ بداية العام المقبل، وليس من هذا الشهر برفع الحد الأدنى من 220 دينارا إلى 260 دينارا، إلا أن هذا الحد وبعد رفعه لن يمكن العامل من توفير متطلبات حياته، وسيجعله دائما مديونا ومقترضا ومحتاجا، وسينفر المعطلين عن العمل من العمل في المهن التي تقدم مثل هذا الأجر.
    لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية، بالشعارات وبالاحتفالات، بينما تتوسع دائرة الفقر، بحيث تشمل آلاف الأسر الأردنية، فيما تعجز الحكومة عن محاربة الفقر، ومساعدة الفقراء للخروج من دائرته، بل على العكس، فإن السياسات الحكومية والظروف الاقتصادية والمجتمعية تدفع المزيد من المواطنين إلى هذه الدائرة المخيفة.
    لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية، في ظل ضعف منظومة الخدمات الصحية العامة، وارتفاع كلفة العلاج والمداواة، ما يحرم آلاف المواطنين من الفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط من تلقي علاج صحي فعال وسريع، فيما ينعم المقتدرون بعلاج صحي متميز ، وسط معادلة إذا أردت علاجا فعالا فعليك أن تدفع.
    لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل انتشار الفساد بمختلف أنواعه البسيطة والكبيرة، ما يحرم المواطنين من الاستفادة من ثروات بلدهم. وبالرغم من ما تقوله الحكومة عن انجازاتها على هذا الصعيد، إلا أن الفساد ما يزال متفشيا، وخطيرا.
    هناك الكثير من مظاهر عدم العدالة الاجتماعية، والناتجة عن سياسات وتشريعات، ما يوجب علينا جميعا العمل بقوة وبشكل منظم ومستمر، وليس من خلال الاحتفالات والفعاليات، لفرض مبادئ العدالة الاجتماعية في السياسات والإجراءات الحكومية وفي كافة مؤسسات الدولة.





    [29-02-2020 08:09 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع