الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الجسد والروح والنفس

    يتكون الإنسان من ثلاث مكونات رئيسية وهي الجسد ويشمل الهيكل العظمي والأعضاء والأجهزة والجلد وما يتبعها وكلها تسمى المكونات المادية أي الملموسة والتى ترى بالعين المجردة. والمكونات غير الملموسة والتي لا ترى بالعين المجردة ولا يمكن لمسها أو الإحساس بها وهي الروح (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوح قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء: 85)). ولا أحد يعلم ماهية الروح منذ أن خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه وحتى وقتنا الحاضر. والمكونات النفسية وهي النفس وتوابعها وقد تكلم كثير من علماء النفس عنها وهناك فلسفات كثيرة ولكن وضَّحَ الله لنا ثلاثة أنواع من النفوس وبشكل مختصر وهي النفس الأمارة بالسوء (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (يوسف: 53))، وهذا النوع من النفوس دائماً تأمر أصحابها بأعمال الشر والإساءة للغير. والنفس اللوامة (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة: 2)) وهذا النوع من النفوس تلوم أصحابها إن أساءت للغير وتأمر أصحابها بالإعتذار لمن أساءوا لهم. والنفس المطمئنة وهذه أفضل أنواع النفوس (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (الفجر: 27)) وأصحابها موكلين أمور حياتهم وآخرتهم إلى الله ولا يوجد أي شيء في الدنيا يزعزع إيمانهم بالله.

    فالنفس هي ما ينشأ عليها الإنسان من صفات وعادات وتقاليد وممارسات وتعامل مع غيره من المخلوقات في هذه الحياة الدنيا. أي بإختصار هي أفعال بني آدم مع غيره من عناصر المجتمع من بني آدم ونبات وجماد وحيوان وغيره. وأفعال الإنسان مع غيره هي التي تعكس بعض صفات البشر فنقول مثلاً فلان كريم أو بخيل، تقي أو لا يخاف الله، ورع أو لا يصلي، أمين أو خائن، حاقد أو طيب ... إلخ من الصفات المتعارف عليها بين الناس. فالمكونات المادية لا تعني شيء عند الله ولكن أفعال الإنسان هي التي تحسب عند الله يوم الحساب والثواب والعقاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. وعندما يتوفى الله الإنسان لا تموت فيه الروح ولا الجسد (الجسد يفنى ويصبح تراباً اي مما خلق الله آدم عليه السلام أبو البشر) والتي تموت هي النفس (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(آل عمران: 185))، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (العنكبوت: 57))، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (الأنبياء: 35)).

    والروح لا تكبر ولا تشيخ ولا تموت ولكن الجسد يهرم بنسب تتفاوت من شخص لآخر وفق ما يقوم به من أعمال شاقة أومريحة في حياته ولطبيعة طعامه وشرابه وترفيهه لنفسه ... إلخ والجسد يفنى بعد الوفاة ويصبح ترابا. والروح كما أعلمنا الله من أمر ربها ولا يعلم سرها وكنهها إلا الله سبحانه وتعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (السجدة: 7-9)). فأي حديث يتم تداوله من قبل أي إنسان يتكلم بالدين ينعت فيه الروح بصفات سيئة مثل الخبيثة، النتنة ... إلخ فلا يؤخذ به ويكون الحديث إما مدسوساً أو موضوعاً أو ضعيفاً ولكن إذا نُعَتَت النفس بهذه الصفات فلا بأس لأن النفس من الممكن أن تتصف بهذه الصفات لأنها تعكس تصرفات وأفعال أصحابها كما أسلفنا وليست صفات أرواحهم. وعندما حاول العلماء إختراع وتصنيع جهاز الحاسوب حاولوا تقليد الإنسان فهو يتكون من المكونات المادية (كجسد الإنسان) ومن المكونات البرمجية التشغيلية (روح الجهاز كروح الإنسان إذا جاز لنا التعبير) لمكوناته المادية والمكونات البرمجية التطبيقية والتي يستفيد منها الإنسان في حياته وهي شبيهة بالنفس البشرية أيضاً إذا جاز لنا التعبير.





    [20-02-2020 08:00 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع