الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    “صفقة القرن” ليست فرصة

    في خضم ردود الفعل الغاضبة والرافضة والمدينة لما يسمى بـ”صفقة القرن” ظهرت بعض الأصوات العربية التي تدعو الفلسطينيين إلى أستغلال “الفرصة الجديدة” وعدم التفريط بها. فبحسب هذه الأصوات فإن الرفض الفلسطيني المستمر للعديد من المشاريع خسر الفلسطينيون الكثير وأضعف قضيتهم، وجعلهم يفقدون الأرض تدريجيا لصالح كيان الاحتلال.

    الغريب في هذه الأصوات “النشاز” تحميل الفلسطينيين مسؤولية ما يحصل لهم من عدوان مستمر عليهم وعلى أرضهم، من قبل الاحتلال ونصيرته الدائمة الولايات المتحدة.

    يتناسى هؤلاء الكثير من الحقائق عندما يطرحون هذا الطرح، وهم يتعمدون ذلك، فتحميل الضحية مسؤولية كل مايحدث لها من عدوان وجرائم، يبرئهم من المسؤوليات التي يفرضها الواجب والاخلاق وعلاقات ووشائج القربى والمصير المشترك.

    يتناسون، أنه منذ قدوم دونالد ترامب للبيت الأبيض، والقرارات والاجراءات أحادية الجانب لصالح الكيان لم تتوقف، وعلى رأسها الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، والاقرار بشرعية المستوطنات غير الشرعية أمميا، ووقف التمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

    كما لم تتوقف إجراءات الاحتلال لقضم المزيد من الأراضي ومصادرتها وبناء المستوطنات في كل الضفة الغربية والقدس، والتضييق على الفلسطينيين، ولم ينفع لوقف ذلك قرارات الامم المتحدة والادانة الواسعة، فهناك مخطط لتصفية القضية الفلسطينية ينفذ بالتعاون مابين الاحتلال والادارة الأميركية.

    وقبل اعلان “صفقة القرن”، أعلنت سلطات الاحتلال توجهها لضم غور الأردن لكيانها، ضاربة بعرض الحائط اتفاقيتي “أوسلو” الموقعة مع القيادة الفلسطينية، و”وادي عربة” الموقعة مع الأردن.

    هل كان المطلوب من الفلسطينيين، القبول باجراءات واشنطن والاحتلال لاظهار حسن النية وعدم التفريط بـ”الفرصة”.

    لا يمكن الحديث عن الفرصة الضائعة، عند رفض “صفقة القرن، فالقيادة الفلسطينية عندما وقعت “أوسلو” مع الاحتلال، كانت تريد، بحسبها فرصة للسلام، ولكن الذي حدث بعد ذلك، أن الاحتلال تخلى عن كل التزاماته التي تفرضها هذه الاتفاقية، وقوض كل ما تم الاتفاق معه.

    القضية الأساسية في رفض صفقة القرن، ليست تضييع فرصة للسلام، فلا يوجد أي فرصة للسلام هنا، فهذه الصفقة، هدفها تصفية القضية الفلسطينية، والذي قرأ بعض ما جاء فيها بحسب ما أعلن ترامب ونتنياهو لا يحتاج إلى الكثير من التفكير لمعرفة هذه الحقيقة المرة.

    إن الحديث عن “الفرصة الضائعة” محاولة لتحميل الفلسطينيين المسؤولية عما جرى وسيجري في المستقبل، بينما الأصل هو تحميل الاحتلال وحليفته الاستراتيجية الولايات المتحدة هذه المسؤولية.

    الرفض للصفقة لن يؤدي إلى التفريط وتضييع “الفرصة للسلام”، وانما سيفشل محاولة لتصفية القضية.. المطلوب تصعيد النضال الشعبي الفلسطيني بدعم شعبي عربي لرفض هذه الصفقة وافشالها.

    كما يجب على القوى والفصائل الفلسطينية التوحد ووضع البرنامج الوطني المقاوم لمواجهة هذه الصفقة وما تفرزه من اجراءات عدوانية.

    الدعم العربي ضروري، ولكن كما يبدو من الصورة، فهو دعم محدود ومرتبط بعدد قليل جدا من الدول على رأسها الأردن التي ينسجم فيها الموقف الرسمي مع الشعبي في رفض صفقة القرن.





    [01-02-2020 09:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع