الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    "القروض الوهمية" و"النقد الدولي"

    أعتقد أن وزير المالية محمد العسعس لم يتوقع حجم ردود الفعل «الساخرة» على تصريحاته للزميلة هبة العيساوي والتي نشرتها جريدة الغد أول من أمس والتي قال فيها، «إن الجزء الأساس من التفاوض مع صندوق النقد الدولي في البرنامج الجديد هو أن يكون الإقراض هذه المرة حقيقيا على عكس البرنامج الماضي».

    غالبية التعليقات تضمنت استفسارات ساخرة من شاكلة، هل القروض السابقة وهمية؟ وهل القروض السابقة «لعبة»؟ وهل القروض السابقة كانت تجربة؟ وأين ذهبت القروض السابقة؟ وهل القروض السابقة «مزحة»؟ واذا كانت كذلك فلماذا آثارها السلبية على البلد والمواطنين متواصلة حتى الآن؟ وكيف سينقذ «القرض الحقيقي من صندوق النقد» الاقتصاد والمواطن؟ وإذا القروض «الوهمية وغير الحقيقية» أتعبتنا وأرهقت اقتصادنا فماذا ستفعل القروض «الحقيقية» ومن الصندوق مباشرة.

    الانتقادات والتعليقات الساخرة، لم يوقفها توضيح الوزير بأن « البرنامج السابق مع صندوق النقد لم يكن فيه تمويل حقيقي إذ كان بنحو 723 مليون دولار كان يتم إيداعها في البنك المركزي، بالإضافة لدفع الفوائد عليها ولا تحتسب ضمن الودائع ولا تستطيع الحكومة الاقتراض منها».

    بل بالعكس، فإن التوضيح الذي جاء في التصريحات زاد من حدة الانتقادات ومن مستوى سخريتها، فلم يجب التوضيح على التساؤلات، ولكن زاد من حجمها ومن حدتها في آن واحد.

    ولم يجب التوضيح، على تساؤل جوهري، مفاده، لماذا وافقت الحكومة على البرناج السابق، مادام لن يحل مشاكل الأردن المالية، ولن يستطيع تطوير الاقتصاد، بالرغم من أن ادعاءات الحكومة، سابقا عندما فاوضت ووقعت على البرنامج السابق، بأن البرنامج مع الصندوق هدفه تطوير الاقتصاد ومواجهة ومعالجة التحديات المالية، وزيادة النمو وغيرها من المبررات التي تتشابه مع المبررات التي تسوقها الحكومة لمفاوضة الصندوق على البرنامج الجديد، حيث أكد وزير المالية، « أن الإطار العام للبرنامج سيكون إصلاحات هيكلية عميقة لها أثر إيجابي أو حيادي على النمو».

    أعادت الكثير من التعليقات التذكير بالتصريحات السابقة لرئيس الوزراء عمر الرزاز والوزراء عندما بدأت المفاوضات مع صندوق النقد والتي أكدوا فيها، أن الحكومة لاتقترض من الصندوق، وانما هدفها من البرنامج الحصول على شهادة حتى تتمكن من الاقتراض من المؤسسات والدول بشروط جيدة.

    يبدو، أن البرنامج السابق الذي أرهق موازنة الأردن، لم يتمكن من معالجة القضايا والمشاكل المالية، لذلك بدأت الحكومة بمفاوضة الصندوق على برنامج جديد، وهذه المرة، فإن القروض ستأخذها مباشرة من الصندوق.

    الرفض الشعبي للتعامل مع الصندوق، جاء بعد تجارب «سيئة» مع هذا الصندوق حيث انعكست البرامج التي نفذت بإشرافه وبالا على المواطنين والاقتصاد الذي ما يزال يعاني بالرغم من العديد من البرامج التي وقعتها الحكومات المتعاقبة مع الصندوق لإنقاذه.
    ومن غير المتوقع، أن يكون لهذا البرنامج الجديد مع الصندوق اي نتائج ايجابية.. الحكومات عندما توقع مع الصندوق، تتحفنا بالآمال وبالتوقعات الايجابية، ولكنها وبعد انتهاء البرنامج تبدأ بالحديث عن عدم قدرة البرنامج على معالجة القضايا والاشكالات الاقتصادية والمالية، ولذلك هي بحاجة إلى برنامج جديد آخر، وهكذا دواليك.





    [28-01-2020 08:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع