الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الجامعات الطبية الخاصة: قراءات متسرعة أم حسابات مغلوطة

    يوما بعد يوم تتعزز القناعة بأن قطاع التعليم العالي في المملكة «مبتلى» بالتغيير المتكرر للقائمين عليه في الجانب الحكومي، وما يتبع ذلك من تغيير في التشريعات والتعليمات التي يحس من يرصدها بأنها آنية، وتنتقل ببعض أساسياتها من أقصى اليمين إلى اقصى الشمال.

    وإن كان المجال لا يتسع للخوض في تفاصيل عديدة حدثت، وأشرنا لها في مقالات سابقة، من أبرزها تعليمات القبول، وصولا إلى مخالفة أسس الاعتماد، بمضاعفة عدد المقبولين في كل الجامعات خلال الموسم الأخير، فإن في القرار الجديد المتمثل بموافقة على تأسيس ثلاث جامعات طبية خاصة ما يمكن أن يكون نموذجا صارخا على الخلط ما بين الاستثمار وجودة نوعية التعليم.

    فالمدقق في التفاصيل يدرك أن الحكومة كانت واقعة تحت تأثير الرغبة في جلب استثمارات يمكن أن تسهم في استحداث فرص عمل تحد من حجم البطالة المتفشية.

    ويبدو أن سيطرة هذا البعد أدى إلى المرور بالقرب من فجوات كثيرة لم تعرها أي اهتمام، أو أنها عملت على تبسيط أخطارها وصولا إلى الهدف الذي تسعى له، مع أنها لو دققت قليلا لتمهلت في إعطاء الموافقة، ولأدركت أن الشروط التي حددتها صعبة التحقيق، وأن النتيجة التي أعلنت السعي للوصول إليها صعبة المنال.

    فالقرار حمل في ثناياه تفصيلات قد يكون من المبكر جدا الدخول فيها، ومنها ـ على سبيل المثال ـ تخصيص ما نسبته 90 بالمائة من النفقات التشغيلية لغايات الابتعاث وإعداد الكوادر البشرية. مع أنها تدرك أن ضبط هذا الموضوع قد يكون مستحيلا، بدليل ما يحدث في مجال البحث العلمي للجامعات القائمة.

    وافترض القرار ـ ضمنا أن معظم الطلبة الذي يدرسون الطب خارج البلاد سيتوجهون إلى الجامعات الجديدة، ما يعني أن شروط القبول ستكون ميسرة، بحكم أن غالبية دارسي الطب في الخارج هم من أصحاب المعدلات المتواضعة، والكثير منهم يتخرجون بإمكانات علمية متواضعة أيضا.

    أما بالنسبة للقبول من الخارج، حيث حددت النسبة ـ كشرط ستين بالمائة، فمن الذي يمكن أن يضمن تحقيق هذا الشرط؟ وما هو الإجراء الذي سيتخذ بحق الجامعة فيما لو أنها لم تتمكن من تحقيقه؟ هل سيتم إغلاق الجامعة مثلا؟ أم أن مجلس التعليم العالي سيعالج القضية؟

    ومن العقبات في هذا المجال أن عملية القبول الخارجي في الجامعات الخاصة غالبا ما تتأثر بأية عوامل دعائية، أو تطورات سلبية تحدث داخل تلك الجامعات. والدليل على ذلك صدور قرارات خارجية بوقف اعتماد بعض الجامعات الخاصة. فمن غير المستبعد أن تمتد مثل تلك القرارات الانطباعية إلى جامعات الطب المستحدثة.

    أمر آخر يبدو أن متخذي القرار قد اغفلوه، ويتمثل بحاجتنا إلى الأطباء، حيث وفرت نقابة الأطباء علينا مهمة البحث في التفاصيل، وأعلنت أننا لسنا بحاجة إلى ثلاث جامعات لتخريج الأطباء بحكم أن القطاع يعاني من البطالة شأنه شأن الكثير من القطاعات الأخرى.





    [26-01-2020 08:39 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع