الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    صفحة جديدة - د. صلاح داود
    د. صلاح داود

    ومن منا لا يود ذلك؟ ولكن المشكلة في الظروف والأحداث، وأحيانا نتجرأ ونلقي السبب على القدر! فتجدنا أجَدنا التسويف والتأخير والتمني.. وأسأنا العمل والكفاح والاجتهاد.. ونسينا تقليب الصفحات لنبدأ من جديد.

    التسويف وتعليق آمالنا وأهدافنا على جدار أمنيات التمني يقتل الزمن، ويدفن الملكات، ويحدد الفرص ويضيعها، ويتفّه الأحلام ويُسفِهها، فأصبحنا وأمسينا نرتجي صدفة ذهبية جاهزة يهدينا إياها الغيب.. وأضعنا الحاضر ولم نستعد للمستقبل ففقدناهما معا.

    انتظار الفرص يتعب الأعصاب والعقول ويُفقِد الصبر، ولا يعود على المنتظِرِ بخير، فالتريث لا يهب طاقة للحركة إنما يزيدنا سمنة تعيقنا عن الحركة والاقتناص.

    الكل لا البعض يعيب تلك الظروف الكالحة المظلمة، وكلنا يعلم لولا الظلمة ما اختُرعت الكهرباء والأضواء ولما خُلِق القمر ولا النجوم، ولا تغنى العشاق وهاموا بمعشوقيهم.. فالظلام نعمة تمخض عنها نورا داعما للمسير ومصلحا للأحوال والأعمال.

    لا بد لنا لِفتح صفحة جديدة أن نبدأ بنقد أنفسنا قبل أن نُنْقد من غيرنا، وأن نعرف عيوبنا، ونتخلص من الفوضى والبعثرة والمهملات والقمامة والغبار والغم والهم ونعيد حياتنا بأولويات مرتبة إلى مسارها الصحيح.. الجديد.

    ألا تشعربأننا نستحق صفحات أفضل من هذه الصفحات وحياة أفضل واتزان واعتدال؟ ألا نحتاج الآن أن نبدأ بصيانة لقلوبنا المتخمة بالآلام والآمال المعطلة؟ ألا نريد أن نصل ما تقطع من مشاعرنا وأحاسيسنا؟ لا بد من ذلك كله.. ولكن مع رقابة شديدة على ما ندخله إلى قلوبنا وعقولنا من أفكار فنعمل لها تمحيصا فندخل كل مفرح متزن ونتجنب نداء الشياطين من الإنس والجن بالهدم والعجز والضعف والفشل.

    نحتاج أن نستريح من عناء الأمس وبؤسه.. فالأمس فات ومات، إذا فلنجدد النداء للكفاح والعمل والتفوق، فنتحرك مع الشمس إشراقا للوجوه والقلوب ودفئا للعواطف والمشاعر وغذاء للنباتات وبناء للعظام المتهالكة.. فنحيي أمنياتنا بنور وجه ربنا بعد إذ كانت حطاما ورميما.

    وفي تلك اللحظة مع إشراقة حياة جديدة وهدف جديد وعمل واجتهاد وتربص للخير نبدأ ونتساءل من جديد كم من ساقط متعثر وقف بقوة أكبر؟ وكم من مقترف لذنب تاب فأصبح أكثر منا التزاما وأصلح عملا؟ وكم من من نفس مهزومة مهدومة بنت على أنقاض آلامها نفسا عزيزة منتصرة لها ولغيرها؟

    هي الفطرة الصحيحة والصبغة الحسنة أن يُنادى علينا نداء الحق بأن اليوم أفضل وغدا أفضل وكل مستقبلنا أفضل إن أردنا ذلك، فالله أعطانا فوق ما نحتاج وفوق ما نريد ولكن أكثرنا جاهلون.

    فلتكن كل لحظاتنا وأيامنا إدبار ليل وبزوغ فجر، وأطلالنا أساس بنائنا العظيم، وخطايانا عبرة ودروسا وحكمة لمستقبلنا المزهر، فلنتجه ونجتهد ونعمل ونقصد كل باب متاح ونجرب كل المفاتيح.. فلكل استكانة وغفوة صحوة، وتذكروا أن الموت يأتي بغتة، ولا يعطينا الفرصة لننجز وننهي ما بدأنا به، فالدعوة الآن إلى إعادة النظر إلى أنفسنا فننظمها من جديد، وربما نعيد هدم ما لا يعجبنا منها ونبنيه على أساس من التقوى.





    [06-12-2019 06:43 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع