الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الجمعة السوداء: نشاط تجاري وظف سياسيا!!

    من أطرف ما سمعت في التعليق على حالة الأسواق يوم الجمعة الفائتة، محاولات الربط بين الاكتظاظ والوضع المادي للناس. وتصوير الاختناقات المرورية والإقبال الكبير على بعض المولات بأنه دليل على توفر السيولة بين يدي المواطنين، واستخدامها في حركة التسوق والاستفادة من الخصومات التي تم الإعلان عنها.

    وهي المحاولة التي تذكر بما حدث خلال موسم عيد الأضحى الفائت، عندما وظف البعض حركة السفر باتجاه تركيا ومصر بأنها مؤشر على الوضع المادي» الجيد» للأردنيين المتهمين بأنهم «دائمو الشكوى».

    الأكثر طرافة أن تلك الصورة النقدية تم استغلالها سياسيا، حيث قامت بعض الأذرع الحكومية وبعض المسؤولين السابقين المتهمين بإيصالنا إلى ما نحن فيه بتوظيفها من زاوية أن الشكوى والاحتجاج على سوء الأوضاع ليس حقيقيا، وأن المواطن يبالغ كثيرا في الشكوى.

    فالحقيقة كما يرويها الكثير من رواد الأسواق يوم الجمعة الفائتة، والتي اختلف الشارع على تسميتها، فتراوحت ما بين «الأبيض والأسود»، أن الكثير ممن نزلوا إلى المحلات التجارية المعنية بالتنزيلات كان هدفهم الأول «الفرجة»، و"شمة الهوا». وفيما بعد التسوق بالحد الأدنى جدا للمتطلبات الضرورية، والمؤجلة منذ شهور إلى مثل هذا الموعد. وتركزت مشترياتهم على المدافئ، والملابس والقليل من الأدوات الكهربائية كبدل تالف بعد التأكد من أن التنزيلات حقيقية.

    وحتى هؤلاء كانت مشاركتهم محدودة جدا، فهم لا يشكلون عشرة بالمئة ممن نزلوا إلى السوق في ذلك اليوم. وفي المقابل كان الميسورون حالا هم الأغلبية العظمى. وكانت مشترياتهم تشكل الغالبية الكبرى من المبالغ التي أنفقت في ذلك اليوم، وهي في المحصلة مبالغ متواضعة قياسا بحجم الدعاية، ونسبة إلى عدد وتنوع المحلات والشركات المشاركة.

    وعلى سبيل المثال، أعلنت نقابة تجار الألبسة أن مبيعات «الجمعة السوداء» زادت بنسبة سبعين بالمئة عن الوضع الطبيعي. وهي نسبة يستطيع التجار أن يفسرونها من بوابة التنزيلات المعلنة.

    أما في عطلة عيد الأضحى، وما قيل عن السفر والسياحة ودلالة ذلك على الوضعين الاقتصادي والمعيشي، فالمؤكد أن غالبية الذين سافروا لم يكن هدفهم الاستجمام، أو قضاء عطلة العيد في الخارج... وإنما كان هدفهم التواصل مع ذويهم المطلوبين على قضايا مالية والذين اضطروا لمغادرة البلاد إلى أن يتم تسوية أوضاعهم. والذين تشير التقديرات إلى أن عددهم يصل الى عشرات الالاف من التجار، وأن الغالبية العظمى منهم غادر إلى مصر وتركيا، ويقيمون فيها.

    في المقابل يعترف الكثير ممن شاركوا في هذا اليوم كتجار وشركات أن هدفهم الأساس هو الحصول على سيولة من أجل تغطية متطلبات مستعجلة. ويعترف البعض منهم أنهم رفضوا قبول بطاقات الائتمان لاستيفاء قيمة المشتريات بهدف الحصول على «الكاش».

    ومع ذلك، فمثل تلك «التنزيلات» ضرورية لأنها تمكن الكثير من محدودي الدخل من الحصول على متطلباتهم المؤجلة بأسعار مقبولة.





    [02-12-2019 09:05 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع