الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    السر - د. صلاح داود

    كان السر هناك قابعا أمامي.. ولكنني ولحماقتي كنت عابثا ألهث وراء أبواب مغلقة.. أجلس مطولا في فراشي أستجدي النوم.. ولكنها كانت محاولة شبه يائسة كمحاولة بحثي عن تلك الإجابة.. عبث بعبث. ومن كان يظن أنه من الممكن أن يضع يده على إجابة لسره الخطير ببساطة متناهية..؟ يحتاج الأمر إلى أكثر من ذلك.. جد وعمل وبحث.. نصحني أحدهم بأن أقرأ أكثر.. ربما أجد ضالتي... وفي لحظة ما من دوامة الفكر وتيهه من تلك الليلة غلبني النوم قبل التفكر فيما سأقرأ..

    كان أول شيء فعلته في الصباح هو شراء ذلك الكتاب الذي يتحدث عن السر الأعظم.. وما إن فتحت الكتاب انفتح أمامي عالم من الأسرار والغوامض التي سندركها وراء هذا العالم الذي نعيشه الآن.

    إن ما يجري وراء هذه الأبواب الموصدة هو ذلك البحث الأزلي عن سر الحياة.. وبالأحرى سر فقدانها بالموت.. لماذا وكيف ومتى وأين.. وماذا بعد تلك اللحظة؟

    ما وراء تلك البوابة " السر" أو الموت أو سبب الحياة.. عذاب للقبر و ومشاهد عما يجري داخله ، وسؤال للملكين، ودفاع عن النفس أمامهما، وتهافت للأفكار وتخيلات وشطحات فكر وعقل، هناك سيُفتح الستار، وينكشف الغيب، وتبدأ أحداث البداية من جديد.. وبصر كالحديد.

    لحظة خروج النفس وبسط أيادي الملائكة لتلقي تلك الروح.. أتساءل هل ستنتظر الملائكة انتهاء مراسم الدفن لتبدأ التحقيق معنا؟ أم هو استقبال عاجل لحظة وصول الروح إلى الحلقوم؟ استقبال بالورود والريحان والتحية والسلام والمسك والعطر في روضة ما؟

    متى ستنكشف مستورات الغيب وتعرف كل نفس مقامها ومصيرها بعد أن بليت الأجساد وغدت ترابا، هل هو كابوس مشؤوم وعرض متواصل من البؤس، أم سنعيش في تلك الأجساد الملكية ونعيم أعظم من كل نعيم.

    وفي تلك اللحظة أو ما بعدها! ما هو السر في تكلم الأيدي والأرجل وشهادة الجوارح؟ فلا نجد مخرجا؟ الله وحده يعلم كيف ولماذا ومتى؟ ولكن الأكيد أنه سيكون دخولا بلا خروج.. لا انقطاع من بعده أبدا وهناك تبدأ الحياة الحقيقية وتنكشف كل الأسرار صغيرها وكبيرها.

    وفي نظرة أخيرة غلى صفحات الكتاب الذي بين يدي، وجدت أن الكل لا يعطي نفسه فرصة التوقف للتفكر فيما بعد.. ما وراء تلك الأبواب الموصدة، الكل متعجل يجري وراء ذاك السراب الذي يعتقد أنه حقيقة..ومع ذلك يتجه إلى حقيقة أخرى.. وهي القبور والتراب..
    ودارت في خلدي أمنية.. يا ليت أحدهم يعود ليخبرنا ما الذي يجري حقيقة بعد تلك اللحظة، وبعد ضياع فرصة الحياة والعقل والبصيرة، سلطان لا يدوم ونعيم زائل وزهور تذبل وشمس تنكسف وكل شيء صائر إلى اللا شيء.

    كتاب كبير وكلمات قليلة مكتوبة عن السر.. وألغاز مُطلسمة عن الحياة.. ولكن الذي تأكدت منه فعلا أن قضاء الله قد سبق، وقلم المشيئة قد كتب كل شيء بشأننا، وأن كل شيء نازل لا محالة.. أُغلِق الكتاب وحار العقل من جديد فالسر عظيم، والبلاء ثقيل، والتكليف وحمل الأمانة كان جهلا منا وعجزا وقصورا في فكرنا، ونسأل الله اللطف في كل شيء، نسأله اللطف في تسييرنا وتكليفنا وتخييرنا، ونسأله الستر في حقائقنا وفي ألغاز القدر معنا.





    [20-11-2019 12:51 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع