الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حرب على العصابات

    فارس الحباشنة
    أقول بدل أن نسميها ثورات ربيع عربي بنسخة أولى وثانية، وحقيقة تستحق أن تسمى حربا على»العصابات « . حرب شعبية لجماهير اكتشفت أن الطائفة والحزب والتنظيم والسلطة قد تحولت مع السنين الى عصابة.

    اكتشف لربما ليس متأخرا، ولكن الجماهير لم تندفع الى الشوارع لتدفع أرواحها اثمانا غالية دفاعا عن أوطان تسلب وتسرق وتنهب بعدما وصلت الى الصفر المعيشي والانساني. الجماهير العربية على مدى عقود استغلت لتكون وقود استهلاك لشعارات هائجة وحدة عربية وتحرير فلسطين من البحر الى النهر وغيرها.

    الصراع انقلب، والتمرد هو لغة الجهمور، والغاية هي الخلاص من العصابات. نريدون أوطانا بلا عصابات. ها هو حلم الشعوب العربية من الماء الى الماء، يحلمون كبقية شعوب العالم بدولة ديمقراطية وعدالة اجتماعية وحكم رشيد.

    المشهد في بيروت تكرار لمشاهد عربية أخرى، ولكن بخصائص لبنانية، جولة من التمرد والاحتجاج الشعبي، الجماهير ترفض الوصايات وسياسة الامر الواقع. سخط وغضب شعبي غير مسبوق، ونقمة شعبية ضد كل السلطات التقليدية المزروعة في هياكل الدولة، وضد استقرار وهمي بهياكل من وهم سياسي.

    العصابة من الكلمات التي اكتسبت مرحليا مدلولا سياسيا في المشهد العربي.
    العصابة على الطريقة العربية تطورت دلالة من السلب والنهب والخروج عن القانون والاستحواذ على مساحات من نفوذ معطل للقانون والسلطة، الى ادوات لجرائم منظمة، وحتى تحولت الى قوى مسيطرة وحاكمة.

    تأمل التاريخ العربي المعاصر فان العصابة وجماعات الحماية لعبت دورا كبيرا في تحديد المصائر، واستغلال السلطة، والنفوذ الطاغي، واستقرت الاحوال على ادارة البلدان لاعوام طويلة على طريقة حكمها.

    في المشهد العربي الراهن ثمة محاولات تمرد شعبي، مطالب باسقاط انظمة واصلاحها، ومطالب أوسع بالغاء الواقع القائم، ومحو لارضية من توسع شبكة مصالح ونفوذ ومكتسبات لجماعات تحولت الى وعود مقدسة.

    دول عربية كثيرة وقع بها هزات احتجاجية حملت اسئلة مطلبية كثيرة من الجماهير، ولكنها عادت الى التموضع الى حالة إمساك العصابات ووضعية ما قبل الثورة والاحتجاج الشعبي. ولم تقدر على تفكيك وزحزحة ما هو قائم ومكرس ومتلبد في هياكل وعروش السلطة.

    المشهد الاحتجاجي العربي لربما بدأ بمطالب مختلفة لحد ما، وبما يخص أبسط حقوق العيش والحق البيولوجي بالطعام والشراب والسكن والتنقل. الناس تشكو من كل شيء، الضجر وصل حدا دافعا الى الانتحار الجماعي، وهذا ما وصل اليه العيش في بلدان ما عادت مرقدا يوميا لعيش كريم.

    درس التاريخ يقول إن الرهان مفتوح وليس مغلقا، وليس ثمة ما هو محسوم، فارادة الشعوب حرة وجالبة للتغيير والاصلاح والنهوض.





    [21-10-2019 08:09 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع