الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    جِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ

    عَلَّمَ الله سَيُدُنَا سُلَيْمَانَ منطق الطير وسَخَّرَ له الإنس والجن وغيرهم من مخلوقاته (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (النمل: 16)). وكان سُلَيْمَانُ يجتمع مع من سخَّر الله له من الإنس والجن والطير ويتفقدهم ويتحدث معهم ويعطي أوامره لهم ... إلخ ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (النمل: 17)). فعندما تفقد جنوده من الطير لم يجد الهُدْهُدَ وقال ما لي لا أرى الهُدْهُدَ أم كان من الغائبين، لأعذبنه أو أذبحنه أو يقنعني بسبب غيابه أو تأخره. فحضر الهُدْهُدَ متأخراً يلهث ومكث غير بعيد وقال لسيده سُلَيْمَانَ: أحطت بما لم تحط به وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ، لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ، فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (النمل: 20 و 21)). وهنا يتبين لنا من هذه الآية أن الله أطْلَعَ الْهُدْهُدَ عن بلقيس وقومها الذين لا يعلم عنهم سَيُدُنَا سُلَيْمَانَ أي شيء وهو نبي ورغم أن الله أتاه من كل شيء. ولقد مَيَّزَ الله كل نوع من أنواع خلقة بميزات تختلف عن غيرها ومَيَّزَ بعض أفرادها بميزات تختلف عن غيرها من نفس النوع مثل الهُدْهُدَ الذي يُكَنَّى بأبي الأخبار أو بأبي الربيع وعظمه وريشه وتقريباً كل شيء فيه، فيه فوائد للبشر لا يسعنا هنا ذكرها.

    فالهُدْهُدَ هو الذي جاء لنبينا سُلَيْمَانَ بأخبار بلقيس ملكة سبأ وقومها الذين يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ من دون الله وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ، وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ، أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (النمل: 23-25)). هنا أراد سَيُدُنَا سُلَيْمَانَ أن يتأكد من كلام الهُدْهُدَ فأرسل مع الهُدْهُدَ كتاب لملكتهم بلقيس بأن يأتوا له ملسمين فأخذت برأي مجلسها (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ، قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ، قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (النمل: 27-33)). فأشاروا عليها أن ترسل لسليمان بهدايا من كل شيء حتى تمنعه عنهم (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (النمل: 35)). وهنا في الأية 30 عوَّض الله عن البسملة التي لم تذكر في سورة التوبة في القرآن الكريم.

    ولكن كان عند سُلَيْمَانَ ما يفوق ما عندها وقومها من كل شيء فغضب سُلَيْمَانُ من تصرفها وأمر بإحضارها وعرشها وقال: من يأتيني بعرشها فقال عفريت من الجن: سأتيك بعرشها قبل أن تقوم من مقامك ولم يعجب سُلَيْمَانَ ذلك وقال آخر ويعلم إسم الله الأعظم (ويقال أنه آصف بن برخيا) سأتيك بعرشها قبل أن ترمش عينك وكان ذلك بأمر الله ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ، قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ، قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (النمل: 38-41)). فلما جيء بها وبعرشها أدركت أن سَيُدُنَا سُلَيْمَانَ عنده مما أتاه الله مما لا قِبَلَ لها به وأسلمت ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (النمل: 44)). وتزوجها سَيُدُنَا سُلَيْمَانَ بعد أن أسلمت.





    [06-08-2019 08:40 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع