الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عنصري لهذه الأسباب ..

    أكثر السياسيين عنصرية، ضد مواطنيهم الذين ينتمون لجذور أخرى في كل بلد، هم أولئك الذين لا ينتمون في جذورهم الاصلية إلى ذلك البلد، اذ يحاولون نسيان اصولهم، ويتطرفون في مواطنتهم المستجدة، من أجل المزاودة على المواطنين الأصليين، والتطهر من جذرهم البعيد، في محاولة لتسويق انفسهم، في دولهم الحالية، التي يلمعون فيها، باعتبارهم وطنيين لامثيل لهم، فيعتدون على من يشابهونهم من حيث وجود أصل بعيد مختلف عن البقية، بسبب العقدة التي يعانون منها، أي عقدة الأصل والجذر، التي لا حل لها، سوى الإساءة إلى كل مواطن له اصل او جذر بعيد، وهي مفارقة كبيرة هنا، ومدعاة للتأمل والتحليل العميق.

    من الممكن فحص هذه النظرية عبر تحليل مئات الحالات في العالم الذي يفيض تحديدا بهذه الحالات المشوهة في غير موقع ومكان، إذ إن الأكثر عنصرية في كل بلد، لا ينتمي في جذره البعيد إلى ذلك البلد، لكنه يريد التستر على جذره البعيد، عبر التطاول على من هم مثله فعليا، من حيث جذورهم المختلفة، برغم مواطنتهم الواحدة.

    هذه قاعدة خطيرة، صالحة للتطبيق في حالات كثيرة، نراها مثلا في حالة رئيس الوزراء البريطاني الجديد، بوريس جونسون، الذي يعود في جذره إلى أصول تركية، مثلما نراها في حالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يعود إلى أصول المانية، لكن كليهما معا، يتطرفان ضد المواطنين البريطانيين والأميركيين الذين ينتمون إلى جذور أخرى، برغم انهما معا، ينتميان إلىجذور أخرى في الأساس، ولا يختلفان عن بقية مواطنيهم.

    يتشابه جونسون مع ترامب من حيث الشكل، وكأن والدهما واحد، والذي يتأمل وجهيهما يستغرب من هذا التشابه في تفاصيل الوجه، ثم لون الشعر وشكل تسريحته المجنونة، وفوق ذلك التعليقات المضطربة، التي تعبر عن خفة سياسية، وكيف أن اعظم دول في التاريخ، باتت بيد مضطربين، لا يتورعون عن قول كل شيء، من الولاء الكامل لإسرائيل على حساب المنطقة وأهلها، وصولا إلى التصريحات العنصرية ضد المسلمين والإسلام، وهي تصريحات تشمل ضمنيا العرب، وربما كل الأعراق الأخرى في تلك الدول.

    جونسون يتولى رئاسة الحكومة البريطانية، وله تصريحات سابقة ضد الإسلام والمسلمين، إذ يعتبر أن الإسلام هو اصل المشاكل، وحيثما يوجد مسلمون، توجد بؤر أزمات، وهذه تصريحات تؤكد أن الرجل لا يفهم أن الملايين من البريطانيين هم من المسلمين، وانه اليوم، أمام ازمة توتير داخلي، في بريطانيا ذاتها، كون هذه المكونات البريطانية المسلمة من أعراق مختلفة، أمام محاذير عديدة، وبرامج قد تكون ضدهم بشكل أو آخر.
    مشكلة السياسيين الغربيين، أنهم لا يفهمون هذه المنطقة، ولا يريدون أصلا ان يتفهموا حساسياتها، ولا أعتقد ان أحدا منهم مهتم أساسا بخفض الكراهية في العالم، لأن الذي يريد خفض الكراهية لا يتورط في كثير من التصرفات والتصريحات، وهم هنا شركاء أساسيون في صناعة الكراهية في العالم، دون أن ننكر هنا، ان بيننا نحن أيضا تيارات تتغذى على الكراهية، ولا تريد مصالحة العالم، ولا التفاهم معه، ولو من باب رد الفعل، تحت عناوين قومية ودينية، مردها في الأساس إلى الشعور بالظلم والاضطهاد والتسلط على المنطقة.

    نحن اليوم، أمام مشهد صعب في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وهو مشهد سوف يمتد إلى أوروبا، وسيؤدي إلى صعود اليمين مجددا، بتعبيراته المتطرفة الواضحة، وسوف تحتاج لندن وواشنطن إلى وقت أطول، من اجل تهدئة العالم، ومنع التصعيد في حروب الكراهية المكلفة على صعيد أمن العالم، واستقرار شعوبه.





    [25-07-2019 08:44 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع