الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الفلسطینیون أغنی من کوشنیر

    یحمل الفلسطینیون في العالم، عشرات الجنسیات، وقد یتجاوز عددها الستین جنسیة، وفقا لبعض التقدیرات، في أوروبا والولایات المتحدة وكندا وأسترالیا ودول امیركا الجنوبیة والعالم العربي، ودول أخرى، قد لا تخطر على بال أحد.

    المیزة المشتركة بین اغلب هؤلاء، ان لدیهم مالا كثیرا، ربما بسبب الشعور بالخطر، والرغبة بالتعویض، لیس تعویض الوطن بالمال، لكن تعویض مساحات الشعور بغیاب شيء ما، بكل شيء آخر، من التعلیم الى المال، والذي یحصي ثروات الفلسطینیین في العالم، یجدها تصل الى مبالغ مالیة مذهلة، تتجاوز مئات الملیارات، ولا رقم دقیقا احصائیا هنا، وهذا یعني ان ازمة الفلسطیني في العالم، لیست مالیة، ولا هو بحاجة للمال، ولدیه دوما، قدرات طبیعیة على تدبیر المال.

    مناسبة هذا الكلام، لیس الفخر الزائف على الطریقة العربیة، بالمال، فیما كل فلسطین تحت الاحتلال، لكن هذه الصورة یتم استذكارها، وانت ترى الإدارة الأمیركیة، تقدم حلا مالیا، للقضیة الفلسطینیة، وكأن قصة فلسطین مرتبطة بالمال، فقط، هذا على الرغم من ان تخیل مشهد عودة كل فلسطین الى أهلها، یعني دخول عشرات او مئات الملیارات من أموال الفلسطینیین الیها، وربما ملیارات العرب، في سیاقات نهضة طبیعیة، خارج مظلة الاحتلال.

    لا یعقل ان الإدارة الأمیركیة لا تفهم ان القصة لیست قصة ازدهار مالي، ولا مشاریع، ولا أموال، وان القصة هي قصة احتلال، وضیاع كل فلسطین.

    الإهانة التي وجهها الامیركیون عبر تسعیر فلسطین، ببضعة ملیارات، لم تقف عند حدود الفلسطینیین، اذ ان تقدیم مبالغ مالیة لشعوب الأردن ومصر ولبنان، في سیاقات صفقة القرن، امر مهین جدا، ونحن نعرف ان المبلغ المقترح للأردن مثلا، ولا یتجاوز سبعة ملیارات دولار، خسر الأردنیون اكثر منه، بسبب سوء إدارة المال العام، او الفساد، هذا فوق ان الازمة، لیست ازمة تسعیرات، وكأن شعوب هذه المنطقة وارضها معروضة للبیع، وبحاجة لوظائف فقط.

    على حد تعبیر أحدهم، فإن قیمة عقارات البلدة القدیمة في القدس، من بیوت قدیمة، عمرها مئات السنین، ومحلات تجاریة، تتجاوز كل مبلغ صفقة القرن، ونحن للأسف تم استدراجنا الى قضایا السقوف المالیة، برغم ان القضیة في أساسها، قضیة وجود احتلال، ولیس ان المبلغ المعروض، غیر مغر بدرجة تسمح بقبول بیع فلسطین، في مزادات السیاسة العالمیة

    كل الاتفاقیات والمعاهدات التي ابرمها العرب، مع إسرائیل، وتم الحاقها بوهم المنافع الاقتصادیة، تسببت بنتائج عكسیة، وعلینا ان نتأمل فقط، اتفاقیات كامب دیفید واوسلو ووادي عربة، وغیرها، وكل مرة كانوا یفرشون الأرض بالورد، وعودوا الى الذاكرة، والحدیث عن الملیارات والمشاریع، لكن الذي حدث كان بالعكس، اذ تراجعت اقتصادیات كل الذین صالحوا إسرائیل، والسبب في ذلك بسیط، ان هذه الاتفاقیات مجرد تربیط لهذه الشعوب، تترافق معها سیاسات وتدخلات دولیة، من اجل اغراق كل هذه المنطقة بالقروض، فوق الفساد المطلوب من أجل نخر البنیة الداخلیة واضعاف هذه الدول والشعوب.

    في قضیة فلسطین، هناك من خان، ومن باع ارضا، او عقارا، او تعاون مع الاحتلال، ولا احد ینكر ذلك، ومقابل كل فرد خان، هناك الآلاف لم یخونوا، ولم یقبلوا بیع فلسطین بالمال، وهذا حال كل شعوب الدنیا، فهناك الخائن، وهناك الوطني، لكننا الیوم امام مشروع تصفية جماعي، یتم ربطه بجوائز مالیة، تراجع سقفها من مائتي ملیار دولار، الى خمسین ملیار دولار.

    لكن الازمة الأخطر التي یتوجب ان نعترف بها، تتعلق بما بعد شعار "فلسطین لیست للبیع" وهو شعار نرفعه منذ سبعین عاما، ومانزال نقول انها لیست للبیع، فیما إجراءات إسرائیل على الأرض تتواصل نحو سرقة كل الأرض، وإقامة المستوطنات، وتنفیذ كل المشروع الإسرائیلي یستمر، فیما نرفع ذات الشعار، ولا نحاول وقف هذا المشروع بغیر الكلام، والكلام فقط.

    الفلسطینیون اغنى من كوشنیر، وادارته، والقصة لیست قصة مال، ولتجرب إسرائیل ان لا تراقب حوالات المال، من خارج فلسطین الى داخلها، والا تمنع تدفق المال الفلسطیني، الى الداخل، وسترى ان ملیارات نظیفة سوف تتدفق دون الحاجة الى كوشنیر، ولا الى صفقته، ولا الى التوقیع على بیع كل فلسطین.

    فلسطین لیست للبیع، وستبقى كذلك





    [28-06-2019 09:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع