الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    "صفقة القرن" .. بین أوهام کوشنر وحقائق الأرض!

    كما كان متوقعا؛ لا تبدو الإدارة الأمیركیة المتصھینة ولا ربیبتھا حكومة الاحتلال الإسرائیلي بمستعجلتین في كشف وطرح تفاصیل ما أسمیاھا "صفقة القرن"، حیث كان لافتا عدم تطرق عراب الصفقة جارید كوشنر خلال كلمته الرئیسیة بورشة البحرین إلى أیة تفصیل أو بعد سیاسي لطبیعة التسویة السیاسیة المطلوبة للقضیة الفلسطینیة، واستحوذت أوھام الرخاء والاستثمار والتنمیة الاقتصادیة المزعومة على الخطاب واجندة الورشة.

    غاب خلال الورشة وخطاب كوشنر أي حدیث حول المستوطنات وحل الدولتین أو حتى حل ”اللادولة“ والقدس واللاجئین، ولم یحضر في الخطاب إلا ”أمن“ الاحتلال الإسرائیلي والتأكید على أولویته أمیركیا إضافة للتحریض على القیادة الفلسطینیة، فیما عاد الأمیركیون للتأكید على ھامش ورشة البحرین على أن تفاصیل "صفقة القرن" السیاسیة ورؤیتھا لتسویة الصراع ستطرح بعد انتھاء الانتخابات الإسرائیلیة نھایة أیلول (سبتمبر) المقبل، بدعوى عدم الرغبة بالتأثیر سلبا على حظوظ الإرھابي نتنیاھو ومعسكره بالفوز.

    غیاب الكشف والتوضیحات الأمیركیة لصفقتھم التصفویة للقضیة الفلسطینیة یؤكد مجددا أن الأمیركیین والإسرائیلیین لیسوا معنیین بالحدیث والتصریحات العلنیة برؤیتھم لإنھاء الصراع ودمج كیان الاحتلال بالمنظومة العربیة، بل ھم معنیون بالتنفیذ على أرض الواقع لخطة التصفیة ومنذ وقت مبكر، ولم یتبق بالنسبة لھم، غیر التوقیع وقبله إخراج اقتصادي وتسویق وعود وأوھام بالرخاء والازدھار الاقتصادي للشعب الفلسطیني والشعوب العربیة المحیطة بفلسطین.

    بات واضحا للجمیع أن تنفیذ صفقة التصفیة للقضیة الفلسطینیة وللحقوق الوطنیة المشروعة للشعب الفلسطیني یجري على قدم وساق على أرض الواقع ومنذ تسلم إدارة ترامب الیمینیة المتصھینة سدة الحكم، حیث سعت وتسعى ھذه الإدارة إلى إغلاق الملفات الرئیسیة للصراع وإزاحتھا عن طاولة المفاوضات عبر قرارات وإجراءات حقیقیة على الأرض بھدف فرض أمر واقع یسحب
    البساط من تحت أقدام الجانب الفلسطیني والعربي والدولي لقبول خطة التصفیة وشروط الاستسلام الأمیركیة والاسرائیلیة.

    الصفقة الأمیركیة بدأت عملیا بقرار نقل السفارة الأمیركیة الى القدس والاعتراف بالمدینة المقدسة ”عاصمة موحدة“ للكیان
    الصھیوني بالضد من قرارات الشرعیة الدولیة. وبدأت ایضا باستھداف الإدارة الأمیركیة لوكالة ”الأونروا“ المظلة الدولیة للاجئین
    الفلسطینیین وتجفیف مصادرھا المالیة ومحاربتھا وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطیني، وأیضا بالاعتراف الأمیركي الأحادي
    والمخالف للقرارات الدولیة بالجولان العربي السوري المحتل كجزء من كیان الاحتلال.

    كما بدأت بالتراجع العملي بالموقف الأمیركي عن حل الدولتین كسبیل وحید لحل الصراع، واستبداله بمفھوم مسخ لكیان فلسطیني
    بلا سیادة ولا أرض ولا حق عودة ولا مستقبل. بینما بدأت ماكینة الإدارة الأمیركیة بالتسویق والتمھید لقرار قد لا یكون بعیدا
    باعتراف أمیركي أحادي جدید بشرعیة المستوطنات الإسرائیلیة وبحق كیان الاحتلال بضمھا له ما یفضي عملیا إلى وأد أي فرصة
    أو حدیث عن إمكانیة قیام كیان فلسطیني تحت أي مسمى أو لافتة!

    لم یعد أحد في المجتمع الدولي متشوقا بانتظار كشف الإدارة الأمیركیة لتفاصیل صفقتھا غداة الانتخابات الاسرائیلیة القادمة،
    فالصفقة ومحاورھا السیاسیة باتت واضحة المعالم وتنفذ على الأرض باندفاع وعدم اكتراث بمواقف ھذا المجتمع الدولي ولا
    بمواقف أصحاب القضیة من عرب وفلسطینیین، كما لم یعد خافیا حجم الإنجاز الأمیركي والإسرائیلي بمحور السعي لدمج كیان
    الاحتلال بالمنظومة العربیة الرسمیة.

    إلا أن ما لم تستطع قراءته وفھمه الإدارة الأمیركیة ھو أن كل قوى الأرض ومغریاتھا لن تستطیع دفع الشعب الفلسطیني والعربي للاستسلام والتنازل عن حقوقھ الثابتة والتاریخیة بأرضھ ووطنھ، وأنھا لن تجد قائدا فلسطینیا واحدا یمكن أن یوقع على وثیقة التنازل والبیع، وأن جذوة النضال والتضحیة والمقاومة الوطنیة لا یمكن أن تخبو لدى ھذا الشعب الفلسطیني ولا لدى أمتھ العربیة فالصراع مع الأمة صراع وجود لا حدود!





    [27-06-2019 10:16 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع