الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حملة شطف التراث

    تقول العرب؛ المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي.
    لماذا يكون الخل الوفي مستحيل الوجود؟؟؟ المشكلة ان كل من ينشر هذه الأكذوبة التي نتعامل معها كمسلّمة أو بديهية، ينشدها بتحسر، وهو ينعى الصداقة بين البشر، لكأنه يقول ما معناه: أنا الوفي الوحيد الذي تبقّى على سطح الكوكب.
    أما العنقاء عند العرب فهي طائر الفينيق الذي يحترق فيخرج من رماد حريقه اكثر قوة وشبابا...والغول الذي يفترس البشر كان من ابداعات عصر ما قبل اكتشاف الكهرباء .
    لكن الغول والعنقاء ما وضعت هنا الا لتنفي وجود الصداقة ، اذ ان الكثيرين منا حتى الان ما زال يؤمن بوجود الغيلان المفترسة ، بعد ان حفرتها اقاصيص الجدات في مرحلة الطفولة على شاشة الذاكرة والخيال.
    جوهر هذا القول هو نفي الصداقة الحقيقية ، دون تحديد ماذا يعني بالصداقة الحقيقية والوفاء ....لكن حتى لو اعتبرنا الوفاء مطلقا او قريبا من ذلك ..فإن العالم مليء بالأصدقاء الأوفياء والخلان الأنقياء. لا انفي طبعا وجود الخيانات. ولا انفي اننا قد نتعرض للخذلان من اصدقاء كنا نعتبرهم اوفياء. لكن هذا لا يعني اطلاقا ان نشتم الخل الوفي وأن نجعل وجوده مستحيلا.
    الذي يكرر هذه القول يكون كمن يطلق الرصاص على جميع النساء لأنه تعرض للخيانة من امرأة ما...او كمن يرفض شرب الماء لأنه سمع ان أحدهم قد «شرق» بالماء ومات.
    ان الغاء مفهوم الصداقة العميقة هو الغاء لمفهوم الانسانية . واعتقد ان مبتكر هذا القول هو شخص ثقيل دم ومتطلب كان يحلب اصدقاءه ويستغلهم ويستثمرهم تحت شعار الوفاء للصداقة، ولما ابتعدوا عنه اطلق هذه الفقاعة السامة في فضاء العالم العربي.
    صديقاتي وأصدقائي الأعزاء،
    نحتاج الى حملة تبرع وتطوع يشارك فيها الجميع لتنظيف وشطف تراثنا من مثل هذه الأوساخ التي علقت به على مدار الزمن، حتى يتحرك التاريخ بشكل أسرع وأكثر دينامية وحيوية. علينا تزييت عجلة التاريخ. بزيت الصداقة الحار.





    [18-06-2019 08:34 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع