الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عالقون بالباص السریع

    لسنوات مضت تعرض مشروع الباص السریع للتعثر بفعل ظروف سیاسیة صاحبت إطلاقه في المرة الأولى، لكنه عرف طریقه من جدید. كان المشروع وما یزال أمل العمانیین في التخفیف من الازدحامات المروریة، وتوفیر نقل حدیث یحترم وقت الناس ومواعیدهم.

    مشروع بهذا الحجم یشق عمان من غربها لشرقها، لا بد وأن یكون له تداعیات سلبیة على حیاة الناس في مرحلة التنفیذ. التحویلات المروریة تفاقم أزمة السیر الخانقة في المدینة، وتعزل أسواقا تجاریة، وتستهلك وقت المواطنین في التنقل بین منازلهم وأماكن العمل. وفي الأسابیع الأخیرة تصاعدت الشكوى من الازدحامات في مناطق العمل بمنطقتي صویلح وطبربور.

    الجهات المنفذة والمسؤولة عن المشروع لم تراع الذاكرة السلبیة للمواطنین حیال المشروع ولا الشكوك التي استوطنت في أذهانهم عن ”باص سریع“ صار مثلا على مشروع یمشي كالسلحفاء، فتقاعست عن واجبها في عرض مراحل المشروع للجمهور، وحجم الإغلاقات والتحویلات المطلوبة لضمان التنفیذ بالمواعید المحددة، والإبلاغ المسبق لأصحاب المحال التجاریة لأخذ احتیاطاتهم.

    یقول تجار طبربور إنهم فوجئوا بالتحویلات، ووجدوا أنفسهم مرة واحدة معزولین عن زبائنهم، ومحاصرین بالجرافات. ومن یراقب من قرب الأعمال الإنشائیة سیلاحظ أن الشركات المنفذة اختارت الوسائل والأسالیب التي تضمن لها أفضل الظروف المتاحة دون اعتبار لراحة الناس والمسافرین على الطرقات. التحویلات والوسائل الفنیة توحي بذلك، في وقت طورت فیه شركات المقاولات حول العالم طرقا خلاقة لتنفیذ المشاریع الكبرى بأقل المتاعب الممكنة للمواطنین.

    أمانة عمان، الجهة صاحبة المشروع كانت بخیلة في تواصلها مع الجمهور، ولم تبذل الجهد المطلوب في شرح مراحل العمل، ولا إشراك سكان الأحیاء والتجار في مناقشة أفضل الطرق البدیلة والتحویلات، مع أنها قامت مسبقا بتوسیع وتعبید شوارع جانبیة لاستخدامها كبدیل عن الطرق الرئیسیة.

    في منطقة طبربور على سبیل المثال، یتعین على السكان هناك الانتظار 18 شهرا لحین الانتهاء من الأعمال الإنشائیة. فترة طویلة بلا شك، وبالنسبة لأصحاب المحال التجاریة یعني ذلك ضربة قاضیة لتجارتهم التي تراجعت بمعدلات كبیرة جراء التحویلات والإغلاقات. كیف یمكن مساعدة هؤلاء على التخفیف من خساراتهم؟
    أمانة عمان بدأت حملة تواصل لاحقة معهم وهي بصدد البحث عن حلول مروریة تخفف من وطأة الأزمة والخسائر. لكن مثل هذا الجهد كان ینبغي القیام به قبل بدء العمل بالمشروع ولیس بعده.

    الأعمال الإنشائیة ستنتقل لمناطق أخرى، وسنسمع صرخات التجار والمواطنین . هناك حاجة ماسة للتحرك سریعا والتفاعل من القطاعات المعنیة مسبقا للوصول لتفاهمات ترضي مختلف الأطراف. ومن حق الجمهور عموما أن یطلع حالیا على الشكل النهائي الذي سیكون علیه المشروع بعد انتهاء الأعمال الإنشائیة. ربما یساعد ذلك على استعادة الأمل بجدوى المشروع، وتحمل الفترة الصعبة بانتظار الفوائد التي سیجنیها الناس مستقبلا.

    وثمة حاجة أیضا لشرح كیفیة عمل الباص السریع، ووسائل الوصول إلیه من الأحیاء المختلفة للعاصمة، والفئات المستفیدة، والجدوى الاقتصادیة المترتبة على استخدامه عوضا عن التنقل بالمركبات الصغیرة ووسائل النقل العام الأخرى. باختصار المطلوب تقدیم رؤیة شمولیة لحال النقل العام في عمان في مرحلة ما بعد الباص السریع.





    [17-06-2019 08:57 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع