الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل تذکرون حكاية أبو شاکوش؟

    هل تذكرون حكایة أبو شاكوش الذي أرعب المجتمع الأردني لأشهر في تسعینیات القرن الماضي، والتي باتت وقت ذاك حدیث البیوتات الأردنیة والصالونات، وقتذاك كان ابو شاكوش الذي كان یدخل على الصیدلیات والسوبر ماركت ویعتدي على المتواجدین فیها، مرعبا للناس ومصدرا قلقا لهم، وأصبحت المقاهي والملتقیات الاجتماعیة تتحدث عنه.

    ابو شاكوش ظهر فجاة واختفى فجأة، ولكنه استطاع ان یشغل الأردنیین وبات حدیث الناس، ولم تكن أي قضیة اخرى تشغل بالهم، فاحتل ابو شاكوش صدارة الكلام، وبات حدیثهم الذي لا ینتهي، وتراجعت اي قضیة اخرى فأصبحت ثانویة في ظل قضیة ابو شاكوش.

    حكایة ابو شاكوش لم تكن الوحیدة خلال سنوات مضت، اذ كانت تحضر بین فینة وأخرى حكایات مختلفة، وعند كل أزمة او منعطف تظهر قضیة مجتمعیة لتصبح لاحقا حدیث الرأي العام، وتتصدر اهتمامات السواد الأعظم من الناس وكأنها قضیة الأردن الاولى.

    قصة ابو شاكوش تتكرر بأشكال مختلفة عند مفاصل معینة، فتحضر بین فینة وأخرى قضایا من خلال المتصفح الأزرق تصبح لاحقا حدیث الرأي العام وتطغى على كل حدیث، وتتراجع اي قضیة اخرى.

    لا أتحدث هنا فقط عن مسلسل جن الذي أثار الاردنیین بكل تلاوینهم، فأنا لم أشاهد المسلسل وقرأت ما كتبه أصحاب اختصاص في هذا المجال وأولئك أثق برأیهم، ومنطقیا أراني منحازا لما كتبوه تقنیا عن المسلسل.

    وانا هنا لست مدافعا عن المسلسل، وأراني رافضا لفكرة ان یتم القفز في مجال الدراما كل درجات السلم مرة واحدة، بید ان ذاك لا یعني إغماض العین عن الكثیر مما یكتب حول المسلسل، وعدم التوقف عند رأي النقاد المختصین الذین اعتبروه ضعیفا ولا یرقى للمستوى المطلوب، وایضاً أیعقل بأن یرفض البعض فكرة وجود كلمات نابیة وقبلات ساخنة في المسلسل، وهم في الوقت عینه یستخدمون العبارات النابیة عینها في رفض المسلسل.

    الملاحظة انه خلال الیومین الماضیین بات المتصفح الأزرق قاعدة هجوم لا ینتهي على المسلسل، والمؤسف أن كل الكلمات النابیة والخارجة عن الذوق العام استخدمت ایضا من قبلهم، فأي انفصام هذا، واي مستوى أخلاقي وصلنا إلیه.

    المؤسف ان الأردن یعتبر قاعدة متقدمة في نسبة مشاهدة المسلسلات التركیة التي تحتوي قبلات ساخنة وثیابا عاریة، والكثیر من أولئك المحتجین یعتبرون من اكثر المتابعین لتلك المسلسلات، وربما یضبطون ساعاتهم على وقت عرض المسلسل التركي.

    في المجمل فإنه في ظل مراقبة ما یجري ومتابعة الهجوم الذي یحدث عبر المتصفح الأزرق وانضمام سواد المتصفحین للهجوم علیه، وارتفاع حجم الرفض للمسلسل، فإن قصة أبو شاكوش عادت وقفزت في بالي مجددا، وبت أبحث هنا وهناك عن احداث قریبة باتت ثانویة في ظل الهجوم على مسلسل جن، وأترقب وأفكر في السبب الذي دفع المسلسل لیقفز لسلم أولویات الأردنیین.

    راقبت الأحداث الداخلیة التي جرت والجدل حول أسعار المحروقات والتسعیر، وكذلك قضیة تراجع الحریات العامة والاعتقالات، فرأیت ان مسلسل جن تقدم في سلم اهتمامات الأردنیین على كل ذاك، كما شعرت ان الكلام حول صفقة القرن وملتقى البحرین ومشاركة الأردن في الملتقى من عدمها تراجعت ایضا، وبات (جن) هو شغل الناس الشاغل.

    لا أدعو هنا لعدم الانتصار لمنظومة الأخلاق المجتمعیة ولا أدافع عن المسلسل وما كتب حوله، ولكني أدعو لطي الصفحة والقفز عنها وعدم جعل قصة جن كقصة ابو شاكوش. ترى هل ستقفز قصص اخرى جدیدة لتشغل الأردنیین، وتبعدهم عن التفكیر بأوضاعهم الاقتصادیة والمجتمعیة والسیاسیة، ترى كم قصة جدیدة ستظهر بعد قصة جن، دعونا نراقب ونسمع ونشاهد!





    [17-06-2019 08:50 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع