الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    ذاكرتنا ذهبية "وغزلانا تبدلت بقرود"
    احتجاجات الرابع - أرشيفية

    أحداث اليوم - عهود محسن - بعد رصد طويل ومتابعة دقيقة لمستجدات الرأي العام الأردني يمكننا الإنتهاء لنتيجة ربما غير حيادية في نظر البعض لكنها واقعية في نظر البعض الآخر، بأن ذاكرتنا المتهمة بأنها سمكية هي ذاكرة ذهبية لا يدخل إليها إلا كل ما هو مرتب و مصنف، وأنها أصبحت جزءاً من هيكلنا على الرغم من أنها ليست صفة متلازمة كاللون والبشرة والجنس وإنما هي نتاج لسياسات إدارة الرأي العام التي اعتادت التعامل مع القضايا بنوع من التسيس بإثارة الجمهور وإشعال فزعته تاره وتجاهل رأية واحتواءه تاره أخرى.
    المتابع لإدارة الرأي العام في الأردن يلحظ وجود إصرار على تشتيت بوصلة الأردنيين وعدم تمكينهم من خلق رأي عام حقيقي يمثل توجهاتهم بالضغط على بعض الأشخاص والمفاصل لتهميش أي تحرك يمكنهم من الإتفاق على ثوابت تؤهلهم لصياغة رأيهم بشكل منظم يحترم التعددية ويقبل الآخر ويغير الصورة النمطية عنهم بأن ذاكرتهم ذاكرة سمكية لا تترتبط فيها الأحداث لأكثر من 72 ساعة وهو ما أثبت العلم خلافه.
    نعم نحن نمتلك ذاكرة سريعة النسيان للأحداث، وهذا ليس ذنبنا فهو نتيجة لسياسة التهميش وتعدد جهات الضغط والتدجين التي تولت إدارة ملفات الرأي العام عبر حقب زمنية طويلة استخدم فيها الشارع أداة لتحقيق مآرب وطموحات للبعض غير آبهين لما سيترتب على ذلك من سلبيات مستقبلية تجعل من القضايا الكبرى والتي يمكن أن تهدد أمن وسلامة البلاد أحداث عابرة ليس لها مكان على الأجندة الشخصية للأفراد ولا يتعدى التعامل معها فرض الكفاية فكل منهم سيعتبر الآخرين أحق بتحمل المسؤولية بدلاً عنه.
    الأردنيون اليوم يفتقدون للقدوة ويرفضون تبديل رموزهم العتيقة إيماناً منهم "بتبدل غزلانها بقرود" بحسب موروثهم الشعبي، يقفون وسط العاصفة وحدهم يبحثون عن رجل رشيد يشد أزرهم ويوجه بوصلتهم لمسارها الصحيح لتخرجهم كما العنقاء من تحت الرماد.
    الحكومة والنواب كل منهم منشغل بتلميع صورته وتحميل المسؤولية للآخر عن الإنحدار الكبير في مؤسسات الدولة وتراجع الخدمات المقدمة للمواطنين على الرغم من أن لكل منهم مهامة التي نص عليها الدستور وراعى فيها الفصل بين السلطات الثلاث.
    منذ احتجاجات الرابع في رمضان العام الماضي وحتى اللحظة تغيرت أولويات أجندة الأردنيين أكثر من مرة لتتفاوت بحسب كاتب السيناريو، سهرات الرابع الرمضانية التي قادتها النقابات شهدت زخماً إعلامياً وترويجاً منقطع النظير وتضخيم لدور الشارع في الضغط على الحكومة لتغيير قراراتها إلا أن هذا البالون ما لبث وانفجر في وجوهنا جميعاً ليعيد الأمور لحجمها الطبيعي ونكتشف أن كلاً يغتي على ليلاه مع أول تسعيرة شهرية للمحروقات.
    خلال الأيام القليلة الماضية مرت العديد من الأحداث التي يمكن اعتبارها قضايا رأي عام بامتياز تم تبديل أولويات الأجندة مجدداً لإزاحة النظر عنها كإخلاء سبيل الوزير السابق منير عويس الموقوف على ذمة قضية الدخان بكفالة 100 ألف دينار نظراً لظروف القضية ونظراً لكبر سنه وظروفه الصحية، ونقل المتهم الرئيس في ذات القضية عوني مطيع للمستشفى وبقاءه خارج السجن 3 أيام لإجراء فحوصات طبية، ومرور سنة على تسلم رئيس الوزراء عمر الرزاز مهامة ووجوب إصداره وحكومته كشف حساب وهو الذي وعدنا بالنهضة والشفافية.
    في خضم هذة الأحداث خرجت علينا مواقع التواصل الإجتماعي بمنطادين كبيرين احتلا الفضاء الألكتروني والوطني أحدهما حيوان ناطق يحطم قيم الإنسانية والطفولة ليتيم غض والآخر "جني" أخرج مكنونات بعض مجتمعنا للعلن وأظهر قباحةً طالما أخفيناها بأوراق التوت الممزقة.





    [16-06-2019 05:24 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع