الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    لیس تحریضا علی أحد

    لا نرید بث السلبیة، لكن نرید الكلام بصراحة، عما ینتظر هذا البلد، اقتصادیا، خلال العام الجاري، والعامین المقبلین.

    اذا كنا في الأردن، لم نعد نتلقى أي مساعدات عربیة، وخصوصا، تلك النقدیة، ولم تعد تأتینا سوى المساعدات الأمیركیة، وهي مشروطة ومحددة من حیث الاستفادة منها، والمساعدات الغربیة والآسیویة، مشروطة أیضا، وهي إما قروض، وإما محددة لغایات معینة، على شكل مشاریع، وفي الوقت ذاته، لا توجد آفاق على صعید ملف الاستثمار، لأن لا احد لدیه الاستعداد لاستثمار دولار واحد، في بلد كلفة الإنتاج فیه مرتفعة جدا، وبیئته الاستثماریة غیر آمنة، هذا فوق ان موارد البلد الداخلیة، إما لا یتم استثمارها، وإما تم رهنها عبر الخصخصة، او الشراكة مع شركات اجنبیة، فماذا ینتظرنا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بما فیها العام الجاري؟!.

    هذا السؤال لا یجیب علیه احد، بل إن الكل یدفن رأسه في الرمل، ویقوم المسؤولون فقط بجدولة الاحلام، في ظل ازدیاد العجز، ومواصلة الاقتراض، وتراجعات القطاع الخاص، الذي تم دفنه حیا، إضافة الى تفشي البطالة، والفقر، والجرائم، وانتشار المخدرات، والعنف، وتحول البلد أیضا، الى مصب سكاني، لكل الهاربین بدمهم و عرضهم، ونحن نرى كیف أن الحكومات لم تجد سوى المواطن لتأخذ كل ما لدیه ، وتمطره بالضرائب، ضریبة تلو ضریبة، ولو واصلت ذات سیاساتها، فلن تجد مالا بعد قلیل ؟.

    هذا الوضع خطیر جدا، ودعونا نتأمل فقط الارتدادات الاجتماعیة، من تفشي الجرائم الخطیرة، التي لم نعهدها قبل، هذا فوق وجود مئات آلاف المطلوبین على خلفیة قضایا مالیة، واغلب الذین في السجون، یتم توقیفهم على خلفیات مالیة، ولا احد بطبیعة الحال، یرید السجن، لولا تعثره المالي.

    ما هي الحلول لدى الدولة، لمواجهة هذا الظرف، غیر كثرة تلمیح البعض ان الحل قد یكون سیاسیا عبر التورط بحلول سیاسیة اقلیمیة تعلن الدولة رفضها لها، بل إن المفارقة هنا أن الكل یرید أن یقنعك ان التراجعات الاقتصادیة التي نحن فیها، سببها مواقفنا السیاسیة، وكأننا كنا دولة ثوریة تقف في وجه العالم فعلا، او كأننا كنا نقبل بالحلول السیاسیة والادوار الوظیفیة، قبل سنوات، حین كانت اوضاعنا احسن، لكن مواقفنا تغیرت الآن، وهذا ربط جائر، وغیر مقنع، یرید البعض عبره إیهامنا أن أوضاعنا صعبة، بسبب مواقفنا، وفي حالات یتم رمي حمل هذا الملف، على الازمة السوریة، ووجود الاشقاء السوریین، هنا، او غیر ذلك من ملفات.

    كل هذا هروب من أساس المشكلة، أي سوء إدارة موارد الدولة، والتورط في الدیون، والفساد، ولربما یقال بصراحة، إننا لم نحتط مسبقا، ولم نأخذ أي إجراء لمواجهة ظرف مثل الذي نحن فیه، بل إن الكارثة الأكبر، أن لا أحد یقنع مئات آلاف المودعین في المصارف الأردنیة، لتسییل أموالهم، ولهم في المصارف عشرات الملیارات، وهذا دلیل على أن الانجماد والعجز والشلل النفسي أصاب الجمیع، ولم تعد لدینا اي خیارات، بما فیها الخیارات الداخلیة، لتحریك الاقتصاد او فك عقده التي تتزاید، یوما بعد یوم.

    القصة لیست قصة تحریض على أحد، فقد تعبنا من سوء التأویلات، لكننا نطرح السؤال بكل وضوح، عن بدائل الدولة، وحلولها، امام هذا الوضع، ولماذا یتم التفرج على كل شيء، وهو یتراجع بهذه الطریقة، واذا استمر الخط البیاني، بهذا الوضع، فسوف نجد أزمات مركبة، اقتصادیا، واجتماعیا، لان لا حلول في الأفق، ولأن المشاكل تتفاقم، فالدیون وفوائدها تتضاعف، والبطالة تزید، والقطاع الخاص، یذبل تدریجیا، ولا احد یعطیك المال، من الخارج، فماذا سنفعل امام هذا الوضع، غیر البحث عن تفسیرات، وشراء الوقت، واتهام اشباح مجهولة، بكونها السبب في كل هذا ؟!.

    فرق كبیر بین الفقر، والفقر المزمن، والدیون، والدیون المزمنة، وما یمكن قوله الیوم، ان الكل اعتاد على ان ازماتنا باتت مزمنة، وان مضاعفاتها تبدو طبیعیة، لكننا نحذر بكل قوة من الاعتیاد على مظاهر المرض، وندق البوابات، لإیجاد حل جذري، والا فسنجد انفسنا امام سنوات أسوأ واصعب بكثیر مما نحن فیه هذا الیوم، وهذا العام.





    [16-06-2019 10:22 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع