الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تأجیل ورشة البحرین

    إصرار فریق كوشنیر على عقد ورشة البحرین في موعدها المقرر نهایة الشهر، یغدو بلا قیمة أو معنى بعد أن تراجعت إدارة ترامب عن وعدها بالكشف عن خطة السلام بین الفلسطینیین والإسرائیلیین منتصف الشهر الحالي.

    التطورات في إسرائیل ضربت المواعید المعلنة، فقد كان من المفترض إعلان ”صفقة القرن“ قبل ورشة البحرین الاقتصادیة. هذا الهدف لم یعد ممكنا حالیا، فما جدوى النقاش عن المكاسب الاقتصادیة في غیاب آفاق الحل السیاسي؟

    إذا كانت الإدارة الأمیركیة جادة حقا في طرح خطة للسلام في الشرق الأوسط، فمن الأجدى أن تستثمر الأشهر الستة التي تفصلنا عن الموعد المحتمل، لإعادة النظر بسیاسة العقوبات الاقتصادیة التي فرضتها على الفلسطینیین، وضخ المساعدات المتوقفة للسلطة الفلسطینیة والمنظمات الدولیة التي تعمل في مناطق السلطة، ودفع مساهمتها لوكالة غوث وتشغیل اللاجئین ”الأونروا“ لكسب ثقة القیادة الفلسطینیة من جدید.

    لا یمكن للفلسطینیین أن یقتنعوا بأن إدارة ترمب تخطط لعقد ورشة لمساعدتهم اقتصادیا بینما تفرض علیهم حصارا اقتصادیا وتقطع المعونات. لذلك یتشكل انطباع راسخ لدى قطاع واسع من الفلسطینیین والعرب بأن الهدف من وراء ورشة البحرین هو مساعدة إسرائیل على تطبیع علاقاتها مع الدول العربیة، دون أدنى اكتراث بمصیر الشعب الفلسطیني وحقه في الحیاة الكریمة. لا بل إن إسرائیل تواصل خنق الاقتصاد الفلسطیني وتحول دون انفتاحه على الأسواق العربیة، في وقت تسعى فیه لتطبیع علاقاتها الاقتصادیة مع الدول الخلیجیة بالسر والعلن.

    لو افترضنا جدلا انعقاد الورشة في البحرین نهایة الشهر الحالي، كیف یمكن تدبر مخرجاتها في غیاب خطة للحل السیاسي؟ ذلك یعني الحكم على فشل الورشة والصفقة التي تواجه رفضا عربیا ودولیا حتى قبل إعلانها.

    یروج كوشنیر وفریقه لمقاربة جدیدة للحل في الشرق الأوسط تتجاوز المبادرات والحلول السابقة، لكن وصفها بالجدیدة أو ”الخلاقة“ لیس كافیا لقبولها ونجاحها، فهى حسب المعطیات المتوفرة خطة خاویة من أي محتوى یضمن الحد الأدنى من شروط الصفقة العادلة.

    وفي حال ضمنت واشنطن مشاركة معقولة في الورشة من خلال ممارسة الضغوط على دول صدیقة، فعلیها أن تتوقف عند سؤال الیوم التالي. الأكید أن جمیع المشاركین سیغادرون المنامة ویتركون خلفهم أوراق ملاحظاتهم، فما من ورقة تستحق أن یتم الاحتفاظ بها للمستقبل. فنحن أقرب ما نكون لجلسة عصف ذهني تبدأ بحفل استقبال في ”الفورسیزنز“ وتنتهي بمجاملات وتبادل بطاقات التعارف.

    لیس ثمة شيء جدي یستحق التدوین والمتابعة، فباستثناء كوشنیر الذي لا یدرك شیئا من تاریخ الصراع في منطقتنا، فإن معظم المشاركین یعلمون من تجارب سابقة كثیرة بأن مثل هذه المنتدیات مجرد مناسبات عابرة في غیاب خطط ومبادرات جدیة لحل سیاسي حقیقي لصراع المنطقة المزمن.

    صفقة ترامب لفرض حل غیر مقبول للقضیة الفلسطینیة تتعثر، وربما لن ترى النور أبدا، وإذا كانت إدارة الرئیس معنیة حقا بإنقاذ جهودها للتسویة السیاسیة، فإن أفضل خطوة یمكن أن تحفظ ماء وجهها هي تأجیل ورشة البحرین وانتظار ما تحمله الأشهر المقبلة من تطورات.





    [16-06-2019 10:19 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع