الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل إیران متورطة في تفجیر الناقلتین؟

    بعیدا عن اتھام ھذا الطرف أو ذلك بالضلوع بالتفجیرات التي طالت ناقلتي نفط في بحر عمان لم یتضح لغایة كتابة ھذه السطور من یقف وراء الاستھداف المتكرر لناقلات النفط. سأتوقف في ھذه العجالة عند طرح سؤال حول ھویة المستفید من توتیر الأوضاع في منطقة الخلیج التي غدت على صفیح ساخن. فھل مثلا تستفید إیران من مثل ھذا الھجوم ولأي غرض؟

    لا نذیع سراً عندما نقول بأن طھران تعاني كثیرا من جراء العقوبات الاقتصادیة التي فرضتھا الولایات المتحدة، وربما لھذا السبب تسرع الكثیر من المحللین بالربط بین معاناة النظام من العقوبات وبین رغبته في تصدیر الأزمة لیضمن ألا ینفجر الوضع الداخلي. لكن ھذه الفرضیة لا تصمد أمام حقائق ومنطق دینامیكیة الصراع والبقاء في الإقلیم. الراھن أن إیران ھي آخر دولة على ھذه البسیطة یمكن أن تستفید من حرب مع الولایات المتحدة، فالحرب لو جرت بشكل موسع
    ستعني زوال النظام الإیراني إذ أن موازین القوة بین الطرفین ھو مختل بشكل فادح في كل مؤشرات القوة لصالح الولایات المتحدة.

    وإذا كان ھذا التحلیل صحیحا، وأحسبھ كذلك، فكیف عندئذ یمكن للقادة الإیرانیین اصدار أوامر باستھداف ناقلات النفط وھي تعرف مسبقا أمرین: العالم أمیل إلى اتھام إیران بأي عمل تخریبي بھذا المستوى، علاوة على أن من شأن ذلك منح خصوم إیران في المنطقة بالذخیرة المطلوبة لشیطنتھا وربما خلق أجواء الحرب. والقول بأن ھناك متشددین داخل الإدارة الإیرانیة یرون بأن المواجھة العسكریة أو التحرش بالمصالح الغربیة في المنطقة یخدم إیران لا یستقیم مع حقیقة أن صناعة القرار في إیران مركزیة، ولا یمكن القول بأن حسن روحاني أو علي خامنئي یمكن أن یفقدا عقلیھما للوقوع في فخ التصعید وسوء التقدیر.

    وھذا بدوره یقودنا إلى سؤال من ھو المستفید؟ ھناك حسابات لدى عواصم في الإقلیم تتمحور حول ضرورة منع أي تقارب إیراني أمیركي، وتعلم ھذه العواصم علم الیقین أن الرئیس ترامب لا یرید الحرب مع إیران، وكل التحشید العسكري والتھدید اللفظي ومحاولات حشد التأیید الدولي خلف الموقف الأمیركي ھو بھدف حصار وردع إیران واجبارھا على الاختیار بین أمرین: أما الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل للملفات العالقة وعلى رأسھا الملف النووي أو التعامل مع احتمال انفجار الوضع الداخلي تحت ضربات العقوبات الصارمة المفروضة على إیران.

    العواصم ذاتھا ھي من عارضت الاتفاق النووي الذي وافقت علیھ إدارة باراك أوباما بذریعة أن الاتفاق یساھم في تمكین إیران بدلا من لجمھا، وعلیه وجد نتنیاھو مثلا بالرئیس ترامب الحلیف الوثیق الذي یرید لجم إیران. وعلیھ، من المنطقي أن تعارض تل أبیب أي محاولة للتوسط بین طھران وواشنطن، فالخوف لیس من القوة الإیرانیة بقدر ما ھو من تسلیم أمیركا بإیران كقوة إقلیمیة وھذا لن یتأتى إلا من خلال اتفاق یساھم في تقویة النظام الإیراني داخلیا وربما إقلیمیا. وحتى أكون أكثر وضوحا، أقول بأن ھذه العواصم تخشى من نجاح الوساطة الیابانیة في التوسط بین واشنطن وطھران.

    لا یمكن بطبیعة الحال اتھام أي جھة بعینھا بالوقوف خلف ھذه السلسلة من الاستھداف لناقلات النفط، فلم یزودنا أي أحد لغایة الآن بالدلیل الملموس بتورط ھذا الفریق أو ذاك لكن یمكن بكل سھولة تعریف ھویة المستفید من مثل ھذه الأعمال. ھذا الاعتداء الصارخ على حریة الملاحة وسلامتھا في ھذه المنطقة الحیویة ینبغي أن یكون محفزا للمجتمع الدولي للقیام بدوره لنزع فتیل الأزمة التي یبدو أنھا دخلت مربعا جدیدا لا یعرف أحد كیف سینتھي.





    [15-06-2019 10:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع