الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أمام سیناریو حرب الخلیج

    تقرأ تعلیقات كثیرة، وتلمس فیھا تشفیاً بما یجري في الخلیج العربي، من اعتداءات على السفن، وتمنیات أن تنشب حرب كبرى، لا تبقي ولا تذر، بحیث تتسبب بأضرار لدول عربیة، أو حتى للشعب الإیراني ذاته، تحت ذرائع مختلفة، تبدو سطحیة وجاھلة إلى حد كبیر.

    من حیث المبدأ لیس من مصلحة أي عربي، أن تنشب حرب جدیدة، في المنطقة، إذ یكفي ھذه المنطقة، ما فیھا من فوضى عارمة، وابتلاءات في كل مكان، ونحن نرى الذي یحدث في سوریة، والعراق، والیمن، ولیبیا، والسودان، ودول عربیة أخرى، وھي فوضى تدفع الشعوب ثمنھا، من قتل وتشرید وانھیارات متتالیة، لا تقف آثارھا عند حدود ھذه الشعوب، بل تمتد إلى دول الجوار، وھذا أیضا لمسناه في ملفي العراق وسوریة، وتأثیر ذلك المباشر، على الأردن، وأمنھ واستقراره، ووضعه الاقتصادي.

    موجة التشفي إزاء الاعتداء على الناقلات، أو على عملیات الحوثیین، ضد دول عربیة، تعبر عن جھل كبیر، إذ أن الكلفة العامة، لھذه الاعتداءات لا تقف عند ھذه الدول، بل تمتد إلى كل المنطقة، بما في ذلك الأردن، والقصة ھنا، لا ترتبط بالجانب المصلحي، أو الانتھازي، من حیث الحدیث عن الاضرار التي قد تلحق بملف مساعدات الأردن، من دول عربیة، أو حتى أسعار النفط، إذا ارتفعت بشكل حاد، أو حتى وجود مئات آلاف الأردنیین في دول الخلیج العربي، بل ترتبط أیضا، بموقفنا من العالم العربي، والجانب الاخلاقي، الذي یمنع في الأساس، قبول أي ضرر بالعالم العربي، ودوله.

    نشوب حرب كبرى، سیؤدي إلى نتائج كارثیة، أبرزھا ان مثل ھذه الحرب، قد تبدأ ولا تتوقف، وستؤدي إلى اضرار كبیرة، تمس استقرار شعوب عربیة، وأمنھا واستقرارھا، واقتصادیات تلك الدول، ھذا فوق ان نشوب ھذه الحرب سیؤدي إلى كلف ھائلة على الشعب الإیراني، الذي یدفع كلفا منذ أربعین عاما، ولیس بحاجة إلى حرب یجرھا الیه نظامه الرسمي.

    برغم القوة الھائلة للولایات المتحدة الأمیركیة، إلا انھا إذا قررت التورط في سیناریو الحرب، فسوف تجد نفسھا أمام سیناریو مختلف، لا یمكن حسمھ حتى لو ضرب الأمیركیون طھران بقنبلة نوویة، والسبب في ذلك أن واشنطن ذاتھا سمحت بتمدد المشروع الإیراني إلى دول عربیة متعددة، وھو تمدد لم یكن ھامشیا، أو فرعیا، بل كان تمددا أساسیا ورئیسیا، وسیكون فاعلا حتى لو تعرضت إیران لضربة ماحقة، وھي ضربة لن توقف المساحات التي یسیطر علیھا المشروع الإیراني، من الرد، سواء عبر الیمن، أو لبنان، أو العراق وسوریة، ھذا فوق الدول التي توجد فیھا خلایا إیرانیة وعربیة، كامنة، وتابعة لطھران، وتنتظر توقیتا ما.

    الأردن على فقر إمكاناته وظروفه الصعبة، لیس له أي مصلحة في حرب جدیدة في الخلیج العربي، والقصة كما اشرت لا ترتبط بجانب مصلحي له علاقة بالوضع الاقتصادي، أو تدفق المساعدات أو وجود الأردنیین في دول الخلیج العربي، أو احتمال ارتفاع أسعار النفط إلى سقوف جنونیة، بل ترتبط أساسا بالجانب الأخلاقي الذي یفرض علینا أن نتمنى الاستقرار والخیر للدول العربیة التي ما تزال مستقرة، ھذا إضافة إلى أن الأمن الإقلیمي لا یحتمل مثل ھذه الحرب، خصوصا أن الأردن ھنا یتكئ أیضا على منظومة سیاسیة مستقرة في الجزیرة العربیة، ودولھا، بعد أن انھارت المنظومة المستقرة، في شماله السوري، وشرقه العراقي، ووجود الاحتلال غربا.

    الأمیركیون ذاتھم یتجنبون حتى الآن سیناریو الحرب، لانھم یعرفون، ان توظیف التھدیدات الإیرانیة، أكثر ربحیة، من إنھاء ھذه التھدیدات، إضافة إلى أن الحرب وفي الحسابات الاستراتیجیة، كلفتھا خطیرة جدا، وستؤدي إلى انھیار المنطقة، كلیا، بما یتجاوز بتأثیره المنطقة إلى العالم، حتى لو كانت واشنطن في سرھا، ترید للمنطقة العربیة، ان تنقسم، وتغرق في الحروب الصغیرة لإضعافھا، واستنزاف ثرواتھا، وربما تقسیم دولھا.

    الذین یھللون لاحتمال وقوع حرب كبرى، لا یعرفون أن نار ھذه الحرب، سوف تصل الأردن، الذي قد یبدو بعیدا، لكنه فعلیا في عین العاصفة، ولیس من مصلحتھ ابدا، أن تشتعل النیران في كل سوار حمایته القومیة.





    [15-06-2019 10:24 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع