الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    رسائــل المقدسيــيـن فـي ليـلــة القــدر .. صبر ونضال والتحرير قادم

    نيفين عبد الهادي

    هي الصورة الوحيدة في هذا العالم التي تؤخذ في الضوء رغم التقاطها منتصف الليل، وتولد كذلك في الضوء، فالضوء والنور يخرجان من تفاصيلها ووجوه من بداخلها، بنضالهم وصمودهم وإصرارهم على حماية الأرض بأرواحهم وأجسادهم التي لا يملكون غيرها سلاحا ضد عدوهم وعدو الباحثين عن العدل.
    الفلسطينيون والمقدسيون، الذين يصرّون بين الحين والآخر على التأكيد أنهم ماضون في نضالهم، وان كل ما يثار حولهم لن يغيّر من حبهم لتراب وطنهم شيئا، أو يبعدهم عن عملهم في درب الحرية والتحرير، لتنال فلسطين حريتها، وتدفن المحتل وخططه الاستعمارية كافة.
    فعندما تنقل لنا عدسات المصورين من القدس صورا للمصلين وهم يحيون ليلة القدر في المسجد الأقصى، بهذه الأعداد التي تعدّ بمئات الأولوف، حتما عندها نرى نورا يسطع وضوءا يشقّ ظلمة الإحتلال، بخطاب ديني معتدل يحمل رسالة للعالم بأسره أن للقدس من يحميها، وأن شعائر الدين الإسلامي تفرض نفسها، ونضال الشعب الفلسطيني مستمر بعيدا عن الكلام بالفعل والإصرار على أن تبقى القدس قبلة المسلمين الأولى، تعلو بها أصوات المآذن رغم كل ما يحاك ضدها .
    وبما أن قدرنا أن نراك يا قدس من خلال الصور، فقد أبكيت اعيننا عندما شاهدنا صور المصلين وقد اجتمعوا في القدس لإحياء ليلة القدر، غير آبهين بالإحتلال، ولا بما يدار بشأن قضيتهم العادلة، اجتمعوا ملاقين ربهم، باعثين الحياة في قدس الأقداس، مرابطين مدافعين، وهم لا يملكون سوى أرواحهم وسجادة الصلاة التي يسندون بها رؤوسهم لتجمع السجادة الواحدة عشرات الرؤوس تجمعهم التسابيح لرب العباد وحبّ وطن سرق منهم ولن يتنازلون للحظة عن حقهم بعدالة حريته، وعودته لهم ولأبنائهم.
    رأينا القدس من خلال الصور، ودون أدنى شك أننا جميعا تمنينا أن نكون بين هؤلاء المصلين، حيث هي الرسالة الأقوى والأعظم لكل من يسعى لوأد القضية الفلسطينية، بأن ما يسعى له مستحيل ولن يتحقق، مهما تعددت الأدوات والوسائل، فصبرهم وإصرارهم لن تهزمه الأيام ولا الظروف ولا خطط الظالمين.
    رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (لا تزال طائفة من أمّتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من عاداهم وهم في رباط الى يوم الدين، قالوا: أين هم يا رسول الله، قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس)، فهم المرابطون الذين سيبقون في أكناف بيت المقدس مرابطين إلى يوم الدين.
    ما أكبر معركتكم في القدس، فأنتم تخوضونها دون أسلحة ولا حتى قوّة، تخوضونها ببسالة الضمير وقوّة الإيمان، وعشق الأرض، تضعون أرواحكم على كفوفكم، متحدين آلة الحرب الإسرائيلية، ومن يقف معها، مدافعين، مناضلين، مرابطين، فدءا للدين والوطن.
    في ليلة القدر، يطلق الفلسطينيون رسالة لعلّها الأقوى في العالم بأسره، بأن كل ما يحاك ضد القضية والقدس، لن يتحقق، والنصر قادم ولو بعد حين، والتحرير في طريقه بأيدي مناضلين يعشقون الوطن كما يعشقون الحرية، رسالة تؤكد أن ربيع فلسطين في قلوب أبنائها، وحاجاتهم غير المكتملة لن تنبض الحياة إلاّ بحرية تراب وطنهم، رسالة بأن الإنعتاق من وجع الإحتلال قادم ولو بعد حين.





    [02-06-2019 11:08 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع