الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    رسالة من خط الاستواء

    تأتيني كثير من رسائل التهنئة بمناسبات ومواسم كجميع الناس، أعترف أن معظم هذه الرسائل لا تحدث معي فرقا ولا تحرك في مشاعرا لأني أعرف أنها رسائل باردة!! رسائل يعمل مرسلها (كوسط ناقل) أو (محطة ترانزيت) بين هاتفين وتبعث (بالكمشة) للموجودين على جهات الاتصال ولا تعني بحال من الأحوال أنه يخصني أو يخص غيري بها.

    ما يعنيني هو تلك الرسالة المقصودة!! المبعوثة لي بالاسم دون أن يكون (لإعادة التوجيه) منها نصيب! تلك الرسالة التي نبتت في أرض (الصدق) وسقيت بماء (الوفاء) وتعهدتها شمس (الجمال) حتى اهتزت وربت!! رسالة تأتيني من شخص عرفته منذ زمن وافترقنا! لم يعد بيني وبينه أي مصلحة ولا يوجد بيني وبينه صلة قرابة أو جوار أو حتى عمل مشترك، يبعثها ليخبرني أنني لا زلت حاضرا في ذهنه ولو كضوء نجم خافت في أفق يزدحم بآلاف النجوم والكواكب.

    مهما (تواضعت) اللغة التي تكتب بها مثل هكذا رسالة فإنها تظل الأعمق والأصدق! تتسرب من شاشة الهاتف إلى القلب بسرعة الضوء لتبني لمرسلها بيتا فيه بلا ترخيص ولا إذن إشغال.

    ربما لا يزال هذا (الجميل) يحتفظ لي بمعروف هامشي أو أثر بسيط أو معلومة عابرة أو حتى شعور جميل تركته في نفسه ذات يوم ويأبى إلا أن يذكرني أنه يتذكرني وأن الأوفياء وإن كانوا عملة نادرة فإنهم لا يزالون متواجدين في مكان ما في هذا العالم.

    هذه الرسالة المرسلة لي بالذات كافية أن تجعلني لا أفقد الأمل، تنبهني أني ربما أكون قد أحدثت إزاحة بسيطة في حياة أحدهم ذات يأس. لا إجمل من الأوفياء في هذه الحياة، فرغم عددهم القليل إلا أن زيت إخلاصهم كفيل بأن يبقي مصابيح الأمل مشتعلة!

    ما زال الأوفياء الذين ينتمون إلى جموع (القلة) ثابتون في مواقعهم على خط الاستواء حيث الحرارة والدفء في زمن هاجرت فيه (الكثرة) إلى القطبين المتجمدين شمالا وجنوبا حيث البرد الذي لا ينتهي وحيث المشاعر الميتة مدفونة تحت بحار من الجليد.

    سلام على الذين لا ينسون ولا يبدلون، سلام على ذاكرة لا تشيب وأفئدة لا تشيخ! سلام عليهم كلما أشرق صبح وغفا ليل! لمثل هؤلاء تشرق الشمس ليظل سراج قلوبهم منيرا... متدفقا بالدفء.





    [31-05-2019 12:01 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع