الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأردن قد لا یغیب لهذه الأسباب

    على الأرجح، سوف یشارك الأردن في مؤتمر البحرین الاقتصادي، الذي سیناقش على مدى یومین، المشاریع الاقتصادیة التي یمكن اقامتھا في الضفة الغربیة، وربما غزة، من اجل التوطئة لصفقة القرن. الأردن الرسمي، لم یعلن قراره لاعتبارات كثیرة، وھناك وقت فاصل بین ھذه الأیام وموعد المؤتمر، إضافة إلى الحرج المتعلق بموقف الفلسطینیین وغیابھم عن المؤتمر، وھذا یفسر التأني في اعلان الموافقة على الحضور، فوق الالتباسات التي تتولد داخل الأردن بشأن مشاركة عمان، حتى على مستوى وزیر، مثل اغلب الدول التي ستوفد وزراء المالیة، أو التخطیط، أو الاقتصاد، واذا ما كان الحضور یتعارض، مع رفض الأردن لصفقة القرن، أو إعلانه المتكرر حول ثوابته!

    ھناك رأي في عمان یقول إن المشاركة في المؤتمر ضروریة، لاعتبارات كثیرة، من بینھا عدم قدرة الأردن على تحدي واشنطن والغیاب، إضافة إلى ان الحضور في مؤتمر اقتصادي، لا یعني الموافقة على الحل السیاسي، كما ان الحضور یجعل امام الأردن فرصة لمعرفة التفاصیل واستكشاف الجانب الاقتصادي في ھذا الحل، وتأثیره على الأردن، ومع كل ھذا كلام عن احتمال تحول كل صفقة القرن إلى حل اقتصادي دون حل سیاسي.

    الرأي العام في الأردن متوتر من المشاركة، ولا یصدق كل ھذه التبریرات، واذا اعلن الأردن مشاركته الرسمیة، لا بد ان یخرج ببیان رسمي مقنع لتبریر المشاركة، واذا كانت المشاركة مفصولة، حقا، عن صفقة القرن، ودوافع الأردن من المشاركة، وعدم وجود تعارض بین المشاركة والموقف الأردني الذي تم الإعلان عنه مرارا، وان المشاركة، لا تعني قبول الأردن الحل السیاسي اللاحق اذا تم الإعلان عنه، خصوصا، ان احتمال تراجع واشنطن عنھ یعد واردا، ھذا على الرغم من معرفة الكل ان إمكانیة الفصل بین حلقات المشروع الأمیركي، تبدو مستحیلة.

    غیاب الفلسطینیین عن المؤتمر مؤكد، لاعتبارات كثیرة، تتعلق بربط المؤتمر بصفقة القرن، التي سبق لواشنطن ان أعلنت مرارا نیتھا الإعلان عنھا، وكانت في كل مرة تؤجل الإعلان عن تفاصیل الصفقة، فیما ینتظر الجمیع، تفاصیل الصفقة خلال شھر حزیران المقبل، أي بعد العید، الا اذا استجد جدید، وتراجعت واشنطن مجددا عن وصفتھا السیاسیة، خصوصا،
    ان الطرف المستھدف، أي الفلسطینیین، غائب، ویرفضھا، ولا یعقل ان یتم تنفیذھا بدون شراكتھم او قبولھم.

    لكن السؤال الأھم یرتبط بواشنطن، إذ یستحیل ان یتم الفصل بین الحل الاقتصادي والحل السیاسي، خصوصا ان الحل الاقتصادي ھو ثمن للحل السیاسي، واذا ما كان الحل الاقتصادي سیأتي دون وصفة سیاسیة لاحقة، فما الذي تتقصده واشنطن من ھكذا معالجة، وھنا لا بد من الإشارة إلى الخطر الأھم، أي تقدیم الوصفة الاجمالیة، على أساس دفع مبالغ مالیة كبیرة جدا، لإنعاش حیاة الفلسطینیین في الضفة الغربیة، تحدیدا، وبالمقابل تضم إسرائیل اغلب مناطق الضفة الغربیة، وتتبقى المناطق المأھولة من الفلسطینیین، والتي سیتم انعاشھا مالیا، ظنا من واشنطن انھا بھذه
    الطریقة تدفع ثمن ضم الضفة الغربیة إلى إسرائیل، ھذا فوق التساؤلات المتعلقة بملف غزة التي تدیرھا حماس، واذا ما كانت ھذه المشاریع سوف تصلھا، وعبر أي بوابة، ومقابل أي تسویة فلسطینیة داخلیة، او تسویة مع إسرائیل، عبر الحل الإقلیمي، الذي یبدو من اخطر الحلول.

    المؤكد ھنا، للأسف الشدید، ان إسرائیل مستفیدة، فقد اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لھا، واعترفت بسیادة إسرائیل على الجولان، ولم تتبق الا الضفة الغربیة التي ستشھد تطورات خطیرة خلال الشھرین المقبلین، فیما عزل غزة، سیناریو إسرائیلي مفضل، لاعتبارات تكریس الانقسام، ولاعتبارات مختلفة.

    نحن اذا امام توقیت حساس، والأردن امام خیارات صعبة جدا، لان الغیاب عن المؤتمر الأمیركي مكلف، مثلما ان المشاركة مكلفة، خصوصا مع أجواء التراشق في الأردن، وعدم توقف اغلبنا عن نقل الازمة من خارج الأردن إلى داخلھ، تحت عناوین ومبررات مختلفة، بعضھا منطقي، مثل تأثیرات الحل على الأردن، وبعضھا غیر منطقي، وقائم على التوجس من كل شيء، والمبالغة في المخاوف.

    نھایة، لا یجوز ان یؤخر الأردن الإعلان عن موقفھ، ولا بد من اعلان موقفه، حتى یھدأ الداخل الأردني وان یتم تفسیر المشاركة، او الغیاب عبر روایة سیاسیة-إعلامیة منطقیة، لا تتذاكى على الناس، ولا تحمل نقاط ضعف أیضا.





    [24-05-2019 09:52 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع