الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    صرخة روان

    بألم، وحزن، وامتعاض، وكبرياء، ورفض، واستنكار، تحدثت وكتبت الطبيبة روان سامي التي تعرضت لاعتداء لفظي من إحدى مرافقات مريض في مستشفى الأمير حمزة، تبعه اعتداء جسدي من قبل مرافق للمريض عينه، أطلقت الطبيبة روان صرخة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعاطف معها الأردنيون جميعا، كما أن حديثها في المقابلة التي أجراها الزميل محمد الكيالي لصالح موقع الغد الإلكتروني حمل رسائل في أكثر من اتجاه.

    بداية، وقبل إعلان تضامني التام وغير المتردد ورفضي لأي اعتداء على الموظف العام، اثناء القيام بعمله وخاصة المعلمين والأطباء والممرضين وغيرهم، أو أي ممارسة للعنف بين أفراد المجتمع بعضهم مع بعض، فإنني أود التأكيد ردا على اولئك القلة التي طالبتنا الاستماع لوجهة النظر الأخرى، (أهل المعتدي)، ردا على تلك الأصوات، فإنني أقول إن أي شخص سواء كان معه الحق أو عليه عندما يجمد عقله ويذهب لاستخدام العنف ويده فانه يفقد حقه في الدفاع عنه، فنحن لسنا تحت شريعة غاب يأخذ القوي حقه بالضرب والعنف.

    هذا في الرد على من طالب بالاستماع لوجهة النظر الأخرى، فالطرف الآخر عندما استخدم يده أسقط أي تعاطف معه أو تجاوب، كما أن ذاك لن يكون مبررا ابدا مهما كانت الأسباب لمنح أي طرف الحق بالاعتداء على طبيبة تعبت وسهرت الليالي الطوال من اجل الحصول على شهادتها، ثم يأتي مستهتر ليوجه لها لكمة دون تفكير بعواقب الأمور.

    الطبيبة روان ارادت من خلال رسالتها عبر التواصل الاجتماعي أو من خلال تصريحها لـ الغد قول الكثير، وهي ارسلت للمعنيين جميعا رسائل علينا التقاطها، فهي شكرت المسؤولين الذين سألوا واتصلوا، ولكنها في الوقت عينه قالت إنها تريد دولة مؤسسات وسيادة قانون، دولة لا يذهب فيها حق أي شخص، وقالت إن العادات والتقاليد ووسائل الضغط المجتمعية قد تلزم عائلتها بالصلح وخلافه من عادات اخرى، ولكنها تمسكت بالقانون مطالبة بان لا يكون للعرف العشائري وفناجين القهوة دور في منع إيقاع العقوبة المشددة على كل من يتعرض لموظف على رأس عمله.

    ارفع القبعة احتراما للمنطق والرسالة التي تحدثت بها الطبيبة روان، كما احترم اصرارها على تفعيل القانون لجهة وقف حالات الاعتداء المتكررة على الأطباء والممرضين والموظفين العامين وغيرهم، فتوسع الطاهرة يعني ضعف تطبيق القانون، ومواصلة السكوت عنها هو لين تجاه من يرتكبها، وترك فنجان القهوة وحده يقرر باسم القانون لا يساهم في بناء الدولة الحديثة التي نريد والتي اساسها الاحتكام للقانون والنظام وان الجميع أمام القانون سواء، وان من يخطئ يعاقب بالقانون وليس بفنجان قهوة.

    لست ضد تفعيل فكرة تطييب الخاطر في المجتمع فتلك سنة حميدة وايجابية من شأنها تصفية القلوب بين الناس، ولكني ضد أن يكون لذاك أي دور في تحييد تنفيذ القانون، فالقانون لنا جميعا، وهو جاء لحماية الطبيب والمواطن على حد سواء، وهو الذي منح الحق للمواطن بالادعاء على أي طبيب أو معلم أو ممرض أو موظف عام وفق الأصول القانونية، كما رتب حماية لأولئك الموظفين والأطباء من أي اعتداء.

    أعلن تضامني مع الطبيبة روان، وأعلن انني لست بحاجة للاستماع لوجهة النظر الاخرى، فمن يستخدم العنف ويده في إيصال رسالته هو الذي جعلني تلقائيا أقف في صف الطبيبة مدافعا ومؤيدا، ورافضا لفكرة العنف مهما كان مصدرها.

    وهي فرصة لأحيي الطبيبة روان على شجاعتها وقوة منطقها، كما هي فرصة لطمأنتها بانه في ظل وجود أشخاص مثلها يؤمنون بالقانون وسيادته فان الخوف يحب ان لا يسكن قلبها، وعليها ان تنهض وتتابع عملها كما كانت وأكثر، فانت ايتها الطبيبة التي شعرت مع اهلها وتحدثت عن المها بكل احساس وصدق علقت الجرس، وعلى الجميع مسؤولية مواصلة قرعه.





    [20-05-2019 03:27 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع