الرئيسية تقارير

شارك من خلال الواتس اب
    رمضان أحمر .. 5 جرائم قتل وحالتي انتحار بأول أيامه
    مسرح جريمة - تعبيرية

    أحداث اليوم - شفاء القضاة - دخل رمضان عصيَّا على الأردنيين، ففي أول أيامه، فُجع الناسُ بحادثةِ قتلٍ قُبيل موعد الإفطار، على إثر خلافاتٍ بين اثنين، قام أحدهما بإطلاق النار على الآخر، ولم يعرفٌ أحدٌ أو يتوقع أن هذه الحادثة ستكونُ بوابةَ لأربعِ جرائم قتلٍ وحالتيّ انتحار، في أول 5 أيامٍ من الشهر المُبارك.

    ولم يخلُ اليومُ الأولُ من موتٍ ثانٍ إذ شهدت منطقة شفا بدران والتي قُتل فيها الشابُ الأول أعمال شغبٍ راح ضحيتها أحد الشبان نتيجة استنشاقه للدخان المتصاعد من حريقٍ أُضرم عمدًا بأحد المنازل، ولم تهدأ الأوضاع في اليوم الثاني، إذ أطلق شاب النار نحو شقيقه ما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر في منطقة عين الباشا.

    اليومُ الثالث بدا كاستراحة محارب، خاليًا من الجرائم؛ ليُعتقدَ أن السلسلة قد توقفت عند هذا الحد، بيدَ أن الناس صدموا في اليوم الرابع على خبر مقتل شابٍ يبلغ التاسعةَ عشر من العمر على يد والده، في محافظة المفرق، إبان ضربهِ بأداةٍ راضة قبل أن يُسلمَ نفسهُ للأجهزةِ الأمنيّة.

    وهدأت الجرائم يوم الجمعة بعد مقتل شابين بجريمتين منفصلتين في عمان والبادية الشمالية، إذ توفي شاب يبلغ من العمر 24 عاما اثر طعنه بمشاجرة في منطقة خريبة السوق، وتوفيَّ آخر ثر إتعرضه للإصابة بعيارات من قبل أشخاص كانوا يستقلون احدى المركبات بمنطقة الصالحية في البادية الشمالية.

    وبالإضافة إلى ما سبق، شهد ثاني أيام رمضان حالتي انتحار؛ الأولى لخادمة آسيوية داخل منزل مخدوميها في منطقة
    الرابية بعمان، والثانية لعشرينيٍّ داخل منزله في منطقة سول بمحافظة الكرك.

    مسلسل الدم المستمر يقودُ لسؤالٍ واضحٍ حول إذا ما كان للصيامِ تأثيرٌ على حالةِ الأفراد لدفعهم لمثلِ هذهِ التصرفات أو إذا كانت الجرائم عاديةً مُقارنةً ببقيّة الأشهر، "أحداث اليوم" حاولت التواصل مع الأطراف المعنيين.

    يقول الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إن معظم هذه الجرائم تُصنفُ على أنها عائليّة، ذاتُ أسبابٍ تعودُ لخلافاتٍ أُسريَّةٍ لم تُحَل؛ إذ أن التباطؤَ في حلها يؤدي لتفاقمها، بما في ذَلِكَ تفكك الروابط الاجتماعيَّةِ وعدم تأثيرِ سلطةِ الأبِ والأمِ على الأبناء، وانتشارُ ثقافةٍ مجتمعيَّةٍ حول أخذ الحق باليد، كلها تؤدي لزيادة الجرائم.

    ويشدد الدكتور على افتقار أبناء المجتمع لثقافة الحوار الهادئ البناء، والبعد عن التسامح والطيبة، والاعتراف بالخطأ، في وقتٍ أحوج ما يكون الناس فيهِ لمثلِ هذه المبادئ، "هناك جرائمٌ في العصر وبعده، وإبان المغرب، يفترضُ استغلال هذا الشهرِ لنشر التسامح والأخلاق الفضيلة".

    ويوضح الخزاعي أن الصيام قد يدفعُ لزيادة حدة العصبيّة والقلق؛ مما يزيد من الفرصة لارتكاب الجرائم، وخاصةً عند المدخنين ومن يكون لديهم أمراضٌ عضويّة، و"الحل يكمن بمنظومة الأخلاق والاعتراف بالخطأ، والتمسك بالقيم، والاحتكام للقانون، وعدم تأجيل حل أيٍّ من المشكلات".

    ويرى المستشار النفسي والأسري الدكتور موسى المطارنة أن على الناسِ أن يكونوا أكثرَ تماسكًا وعلاقةً مع بعضهم البعض، خاصةً في ضوِءِ تزامننا مع أيامٍ فضيلة، مليئةٍ بالتوبةِ والمغفرة، بيدَ أنَّ هناكَ نوعًا من عدم القدرةِ على ضبط النفس.

    ويقول إن الجرائم الحاصلةَ عائدةٌ للتنشئة؛ فالعلاقات المبنيَّةُ على المحبةِ والدم ضعفت، ولم يعد لدى أصحابها قدرةٌ على تحم بعضهم، ورداتُ الفعل مُتسرعةٌ دونَ أن يحكمها العقل، الأمر الذي أدى لتفشي الجريمة بشكلٍ عام والعائليَةِ منها بشكلٍ خاص.

    ويؤكدُ المطارنة أن تكون التربيّة الأسريّة في المجتمع مبنيَّةً على التفاهم، والتشجيع على التفكير، لا العنف، الذي حازَ على مساحةٍ كبيرَةٍ من الألعاب المنتشرة، وباتَ الأبطالُ يتميزونَ به، إذ "باتت نفوسنا قائمةً على الحقد والعنف المعززة في المجتمع، والدافعةِ به إلى مثل هذه التصرفات".

    ومن جانبهِ ينوهُ مصدرٌ أمنيّ أنَّ الجرائم غير مُرتبطةٍ بشهرٍ أو وقتٍ مُحدد، إنما تلك المُختصةُ برمضان فهيَ تتعلق بخلافاتٍ مروريَّةِ وبعض المشاجرات الصغيرة، أما الأخيرةُ والتي أفضَت إلى جرائم قتلٍ فقد كانت على خلفيات نزاعاتٍ عائليَّةٍ لا يُمكنُ للأمنِ التدخلُ بها.

    ويشير إلى أنَّ الجرائم تزيدُ وتنقص سنويًا، نافيًا ارتباطها برمضان أو زيادتها عن الأشهر السابقة، وفي الوتِ نفسه يٌبينُ أن مهمةً الأمنِ مُقتصرةٌ على إجراءات التحقيق، وإرسال الجاني للقضاء والعطوةُ الأمنيّة ؛ لمنع حوادث الدمار ومضاعفات المشكلة.

    وكان الأمن العام قد نشر بيانًا كشف فيه العام الماضي أن مختلف مديريات الشرطة وإدارة البحث الجنائي تعاملت خلال شهر رمضان المبارك من عام 2018 مع 15 جريمة قتل مقارنة مع 8 قضايا وقعت في نفس الشهر من عام 2017.

    وبين أن إحصائيات الأمن سجلت خمس جرائم قتل في العاصمة وثلاث جرائم في محافظة اربد وجريمتين في كل محافظة من محافظات الزرقاء والبلقاء والطفيلة وجريمة واحدة في محافظة الكرك.

    ما يجعلنا أمام تساؤلٍ حقيقيٍّ حول إمكانيَّةِ ارتفاع جرائم القتل خلال رمضان لهذا العام، وعن ما إذا كانت ستُصبحُ عادةً رمضانيَّةٍ بين أبناء العائِلات؛ لتصفيَّةِ حساباتهم خلالَ شهرٍ من المفترضِ أن يدعو للتسامحِ والأُلفة، أسئلةٌ بإجاباتٍ مفتوحة لا تُعرفُ نهايتها.





    [13-05-2019 11:46 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع