الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    إصلاح ذات البين

    خلقنا الله مختلفين في كل شيء (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (هو:118))، ولهذا يحصل أحياناً بعض الخلافات بين الناس. وهذه الخلافات تقع حتى بين الإخوان أنفسهم وهم من نفس الأبوين فكيف عندما يكون الأشخاص من آباء وأمهات مختلفين أو من مناطق مختلفة من نفس البلد أو من بلاد مختلفة. فلكل منطقة من نفس البلد لها عاداتها وتقاليدها ولهجتها وبيئتها، وكذلك تختلف اللغات والعادات والتقاليد والبيئات في مختلف الدول في العالم سواء أكانوا من نفس القارة أو غيرها. قال الله في كتابه العزيز (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم: 22)). وهنا المعجزة جاءت بإختلاف اللون قبل اللغة فعلى سبيل المثال أهل أوروبا ذوو بشرة بيضاء وتختلف لغاتهم وأفريقيا ذوو بشرة سوداء وتختلف لغاتهم والشرق الأدنى من ذوي البشرة الصفراء وتختلف لغاتهم أيضاً ... إلخ. وقد وُجِدَ الشيطان للإيقاع بين الناس وليوسوس لهم فلهذا السبب قال الله (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء: 114)). فكما توضح هذه الآية أن الإصلاح بين الناس لمن يقوم بذلك مبتغياً مرضات الله فسوف يؤتيه الله أجراً عظيماً.

    وكما ذكرنا في مقالاتٍ لنا سابقةً أن هناك بين الناس شياطين من الإنس وقعهم وضررهم على الناس أكبر بكثير من وقع وضرر شياطين الجن لأنهم منتشرين بين الناس ويعملون في الخفاء ولا يُصَفَدُون في رمضان (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (الأنعام: 112)). وبعد أيامٍ معدودة سَيَهِلُّ علينا شهر رمضان الكريم بإذن اهَ ، ونسأل الله أن يَعُمَ الخير ونِعَمُ الله علينا من غير حساب. أما من يحاول الإيقاع وإثارة الفتن بين الناس فيكون ضرره على الناس أشد من القتل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. وقال الله تعالى(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات: 10)). وبالفعل المؤمنون أخوة وكما ذكرنا يحصل الخلاف بين الإخوين الشقيقين فكيف بين أفراد العائلات في المجتمع. فإصلاح ذات البين من أحب الأعمال إلى الله لأنه يكون بذلك الإنتصار على الشيطان الرجيم (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ... إلخ (المائدة: 91)).

    وننصح ونوجه الناس أجمعين أن لا يتركوا مجالاً لشياطين الإنس للإيقاع بينهم وينتصروا عليهم وخصوصاً في شهر رمضان الكريم القادم. لأن شياطين الجن سيصفدون ولكن شياطين الإنس لا يُصَفَدُون ويخلو لهم الملعب لوحدهم فلا منافس لهم. فإياكم وسماع القيل والقال ونقل الكلام من شخص لآخر الذي يكون هدفه إثارة النعرات والفتن والإختلافات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (الحجرات: 6)). والذي ينقل كلام مثل هذا النوع لا يكون هدفه الإصلاح ولا الخير للناس إنما هدفه الإيقاع بينهم ويجلس ليتفرج عليهم، فحسبنا الله ونعم الوكيل. وعلينا القيام بأعمال الخير وقضاء حاجات الناس على قدر المستطاع لأن رسول الله صلى اهفر عليه وسلم يقول: لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا. ومن الممكن أن يَضِيْقَ خُلُق الإنسان في شهر رمضان لأسباب وظروف خاصة وخصوصاً بين الزوجين فعلينا بالصبر، والصيام صبر بحد ذاته. لأن الله ما ذَكَرَ في القرآن الكريم أي آية جمع فيها الصبر والصلاة (والصلاة عمود الدين) إلا وجاء الصبر قبل الصلاة قال تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (البقرة: 45)) كيف نخشع بصلاتنا بدون صبر على الخشوع، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة: 153)). نسأل الله أن يُبَلِّغنا رمضان ويُقَدِّرُنَا ويُعِيْنُنَا على صيامه وقيامه.





    [19-04-2019 10:05 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع