الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الِّي مَعُوش ما يِلْزَمُوش-قروض وجدولتها

    يُحَدِدُ الله لكل مخلوق من مخلوقاته من بني آدم رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد عندما يبلغ الجنين في رحم أمِّهِ مائة ًوعشرون يوماً أي عندما يُؤْمَرُ الملك بدب الروح فيه. عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ حدَّثنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏إن أحدكم يُجْمَعُ خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَةٌ مثل ذلك، ثم يُرْسَلُ إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات‏:‏ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فلهذا يقول الكبار في السن وأهل العلم إن الأرزاق والأعمار وشقي أو سعيد بأمر الله وعلى الإنسان أن يقبل بما قسمه الله له.

    ورغم وضوح هذا الأمر لمعظم الناس إلا أن كثيراً من الناس يعترض على ما قسمه الله لهم من كل ما ذكرنا وينظر إلى رزقِ غيره ويقول: لماذا الله حدد لي رزقي وجعلني هكذا؟ ولم يرزقني كغيري مثل فلان أو فلان؟. إن ربَّنا عادل ومنصف في توزيع رزقه على كل خلقة فميزان الله دقيق وحساس جداً وللفاية في توزيع أرزاقه على عباده قال تعالى (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (الحجر: 21)). والله أعلم بتفاصيل حياة عباده من كل ناحية ولا يعلم بدقائق أمور حياة وشؤون عباده من نواحي الصحة والسعادة والخِلْفَةِ والوسامة والعلم ومحبة الناس ... إلخ إلاَّ الله. وكما ذكرت في مقالتي بعنوان " هل الرزق هو مال فقط ؟ " أن الأرزاق ليست مالاً فقط وتشمل كثيراً من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (النحل: 18)).

    والذي لا يقبل بما قسمه الله له سيتعب طوال حياته كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام على لسان ربه: يا ابن آدم: خلقتك للعبادة فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب، فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وكنت عندي محموداً، وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذموماً. لهذا نشاهد كثيراً من الناس لم يرضوا بما قسمه الله لهم فدائماً يذهبون للبنوك ويأخذون قروضاً ليقلدوا غيرهم من الناس في بيوتهم وغيرها من الأمور ويُثْقِلُون كواهلهم وكواهل أقاربهم من كثرة ما يطلبون منهم المساعدة. فهل هذه حكمة؟ وهل هذا هو المنطق؟ أن يستمر الإنسان طوال حياته في ضنك العيش؟ وفي الدَّيْن؟ وغارقين في الرِّباَ من أجل أن يُرْضي غروره وغرور من حوله من زوجة وأولاد؟ فالقناعة كنز لا يفنى وما في أجمل من الرضى.

    وكما يُقَالُ في العامية اللي برضى بقليله بعيش. واللهُ فضَّل بعضنا على بعض ليبتلينا فيما آتانا أي يما فضَّلنا به على بعض (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165)) ولا أحد يتحمل إبتلاءات ربِّ العالمين. وكما تعود بعض الناس على جدولة قروضهم في البنوك ليتعاملوا مع الرِّبا بشكل مضاعف، قال تعالى (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (البقرة: 276)). فلنحمد ونشكر الله على ما رزقنا وننظر لما هم أقل منَّا وليس لما هم أعلى منَّا حتى نشعر بنعم الله علينا ونكون من الحامدين الشاكرين لنعمه وبإستمرار.





    [16-04-2019 08:47 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع