الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المطلوب بعد فاجعة نیبال

    صدمة واسعة تلقاھا الرأي العام الأردني بعد العثور على جثة الطفلة نیبال، والتي تبین أنھا تعرضت لجریمة بشعة على أیدي مراھق مجرم كان یكمن كالذئب لھذه الطفلة البریئة، فیفجع أھلھا والجمیع بمستوى الدرك الإجرامي الذي یمكن أن یصل له بعض
    بشر، عندما یتجردون من أبسط شروط الإنسانیة والضمیر.

    ھو وقت الحزن والتعاطف مع ذوي ھذه الروح البریئة التي أزھقت بصورة بشعة أبكت الجمیع، وصدمت وعینا، كما الكثیر من جرائم وأحداث بھذا العالم البائس. مع ذلك؛ فلا ضیر من استلھام بعض العبر والخلاصات من ھذه الحادثة والتعاطي معھا، لیس
    لأنه سیعید نیبال للحیاة التي لم تشبع منھا ھذه الصغیرة، بل لتجنب الفجیعة بأطفال آخرین قدر الإمكان وتطویر آلیات التعامل
    ومعالجة قضایا اختفاء أو ضیاع الأطفال.

    ثمة ملاحظة رئیسیة في ھذا السیاق، سبق أن تم طرحھا في غیر مناسبة، وھي قضیة الآلیة القانونیة للتعامل مع حالات الاختفاء لدى الشرطة والأجھزة الامنیة، فالمعروف أن تسجیل أیة قضیة اختفاء لأي شخص في المركز الأمني لا یتم إلا بعد مرور 24 ساعة
    على الاختفاء، وربما كان ذلك نظاما معتمدا في أغلب دول العالم، حیث أن الاختفاء المفترض قد یكون قرارا طوعیا من صاحبه أو انشغالا منه بأمر ما.

    لكن ما یمكن أن ینطبق على اختفاء الكبار والبالغین قد لا یستقیم مع الأطفال الصغار، ممن ینقصھم الوعي والخبرة والقدرة على مجابھة البعد عن الأھل والمنزل، لذلك فإن تطبیق آلیة مرور 24 ساعة على الاختفاء للطفل لا یمكن أن یكون منطقیا أو مقبولا،
    ففي ھذه الفترة الطویلة نسبیا بالنسبة لطفل یمكن أن یتعرض فیھا لأسوأ الاحتمالات والأخطار التي قد تكون قاتلة له.

    في بعض الحالات، التي اطلعت علیھا شخصیا، كان مدیر المركز الامني یعتذر بشدة عن تسجیل حالة الاختفاء للطفل قبل مرور
    24 ساعة للتعمیم بالحادثة والبدء بإجراءات بحث رسمیة، لكنه ووسط تفھمه لقلق الاھل، بل ورعبھم، مما یمكن أن یحدث لطفلھم،
    یبادر الى تسجیل رقم ھاتف الأھل للاتصال بھم في حال تم الابلاغ عن العثور على الطفل من قبل مواطنین أو أیة جھة. ورغم
    إیجابیة مثل ھذا التصرف الفردي، إلا أنه لا یغني عن تغییر آلیة التعاطي الرسمي مع اختفاء وضیاع الأطفال، باعتبارھا قضیة
    خطیرة قد ینتج عنھا ما ھو أخطر من الضیاع والھیام بالشوارع!

    ھذا جانب؛ أما الآخر في ھذا السیاق، فھو ضرورة التركیز على الوعي لدى الأھالي والأسر تجاه سلامة أبنائھم وأطفالھم،
    وضرورة الانتباه للأخطار التي تحفل بھا الحیاة خارج جدران المنزل. نعم؛ العالم مليء بالخیرین والخیر وھو ما ظھر بوضوح في
    التفاعل المجتمعي مع حادثة اختفاء نیبال وفاجعة موتھا، ومع غیرھا من القضایا الشبیھة، لكن الصحیح أیضا أن ھذا العالم یضم
    في صفوفه ذئابا بشریة وقتلة ومجرمین ومنحرفین، قد یظھرون في الظروف العادیة طبیعیین.

    والأطفال ھم الأكثر تعرضا للخطر من مثل ھذه الذئاب والمنحرفین، لیس في المجتمع الأردني فقط بل في كل المجتمعات، وتضاف لھم النساء وبعض الشرائح الاجتماعیة المھمشة، ما یستدعي تعزیز برامج التوعیة والتثقیف للأسر بمثل ھذه الأخطار وضرورة الوقایة منھا بمزید من الرقابة على الأطفال والحرص على توعیتھم بكیفیة التعامل مع الغرباء وعدم السماح بتحركھم بعیدا عن أعین ذویھم.





    [01-04-2019 09:57 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع