الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عَمَارْ يَا وَطَنْ

    الوطن عزيز ولا يُقَدَّر بأي ثمن، لهذا يُفْتدى الوطن بالمهج والأرواح. وكما يُقَالَ ومن ليس له وطن ليس له أم، ومن ليس له وطن ليس له في الثرى ضريح ... إلخ. كانت مكه المكرمة هي موطن ووطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا عندما أجبروه أهلها المشركين على تركها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: مَا أَطْيَبَكِ من بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إليَّ! وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ؛ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ، أَنْتِ أَحَبُّ بِلاَدِ اللهِ إلى اللهِ، وأَنْتِ أَحَبُّ بِلاَدِ اللهِ إليَّ، فَلَوْ أَنَّ المُشْرِكينَ لَمْ يُخْرِجُوني لَمْ أَخْرُجْ مِنْكِ، واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ؛ ما خَرَجْتُ. كل هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أهمية وغلاة الوطن. فالوطن عزيز وغالي على قلوب أهله المنتمين لثراه ولكل شيء فيه له بكل صدق وأما الدخلاء عليه والمارقين ليس له في قلوبهم أي أهمية أو إعتبار إلا الكسب منه وإستغلاله لصالحهم.

    فالإنتماء الحقيقي لأي وطن هو أن نعطي الوطن قبل أن نأخذ منه وأن نعمل ونبني ونطور ونحافظ على كل مقتنيات ومدخرات وأملاك الوطن بكل إخلاص وولاء وبكل ما عندنا من قوة. وللأسف الشديد أن الكثير من الناس في وطننا العزيز وخصوصاً من تولى منهم المسؤولية فيه، فهموا الإنتماء فهماً خاطئاً، وهو أن يأخذوا من خيرات الوطن والمواطنين أكثر ما يمكن خلال فترة توليهم أي مسؤولية. وكما لاحظنا في السنوات الأخيرة وكأنه سباق بين المسؤولين من يتفنن في إستغلال مقدرات وثروات الوطن أكثر من غيره قبل أن تسحب منه المسؤولية. ولهذا السبب وصل الوطن لما وصل إليه من الغرق في الديون والتي تتزايد كل سنة عمَّا قبلها. فنقول نحن المواطنين البسطاء لأولئك الذين أوصلوا الوطن العزيز والشعب الأبي بتصرفاتهم غير المسؤولة لما هو فيه من وضع إقتصادي ومالي لا يحسد عليه: ألستم أبناء هذا الوطن؟ أليس لكم أقارب في هذا الوطن؟ ألا يهمكم أمر أقاربكم قبل الآخرين؟ ألا يوجد عندكم غيره على هذا الوطن الذي أعطاكم كل ما عنده وأعطى كذلك لكل من أقام على ثراه دون تردد أو بخل كل ما طلب منه؟ إلى أين ستذهبون؟ ومن سيستقبلكم؟ ومن سيثق في الذي فعل بوطنه ما فعلتم فيه في أي بلد آخر تحلون فيه؟ وكما يقال : اللي ما فيه خير لأهله ووطنه ما فيه خيرلغيره.

    ما نسمعه الآن أن كبار المسؤولين عندما أحسوا بأن الوطن يغرق بديونه وأصبح وضعه الإقتصادي والمالي لا يحسد عليه. لَمْلَمُوا أموالهم وباعوا ممتلكاتهم وغادروا إلى بلاد أجنبية مثل أمريكا وغيرها. والبعض الآخر أمَّن كل ما يملك في بنوك أجنبية وجاهز للمغادرة في أي لحظه يرغب بها إلى خارج الوطن. والبعض الآخر كما يقال: واضع سويتش السيارة جاهز للإقلاع والمغادرة. أهذا ما يستحقه هذا الوطن العزيز والكريم منكم؟ أن يترك دون أن يُنقذه مما أوصلتموه إليه؟ والله يا وطن أنك كنت طيب معهم أكثر مما يجب وأحسنت إليهم وهم لم يرحموك وتركوك هيكل عظمي بعد أن سحبوا دمائك الزكية وأكلوا لحمك الطيب. نحن يا وطن المواطنين البسطاء الذين لم نتحمل أي مسؤولية ولم نستغلك أبداً ولم نسيء لك بأي تصرف سوف نُداوي جراحك ونكسوك لحماً بعون الله على قدر ما نستطيع ونسأل الله أن يُعيننا على تحقيق ذلك. وبإذن الله ستعود كما كنت بل أفضل مما كنت عليه بأنفاس الناس الطيبين والمنتمين حق الإنتماء لك وما عليك بأولئك أصحاب الإنتماء النفعي كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز للعزير(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (البقرة: 259)). ومن كان الله حسبه فهو حسبه وحسبنا الله ونعم الوكيل.





    [26-03-2019 09:18 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع